اضافة الى كونه سياسيا ورجل الدولة بامتياز ،كان الرئيس مام جلال صحفيا بارعا وذوخبرة قانونية و اديبا و مثقفًا واعيًا بأهمية التاريخ، ويدرك أن دراسة الماضي ضرورية لفهم الحاضر وبناء مستقبل مستقر وان الطريق الى الخلود يمر عبر ماتقدمه للتاريخ وماسيقوله التاريخ عنه و كان مساندا للدراسات التاريخية، ومواقفه السياسية كانت غالبا مستندة إلى فهمه العميق للارث التاريخي للمنطقة وقد تجلت اهتماماته التاريخية والدراسية في عدة مواقف وأفكار ونضاله من أجل حقوق الكرد لم يكن سياسيًا فقط، بل كان أيضًا ثقافيًا وتاريخيًا مثلما كان يملك فهما شاملاً لتاريخ العراق المتنوع والمعقد، وخاصةً فيما يتعلق بتعدد الأعراق والطوائف، هذا الفهم مكّنه من لعب دور رئيسي في تحقيق التوازن السياسي بين مختلف المكونات العراقية بعد سقوط النظام البائد، وايمانه بالتعايش السلمي بين جميع الطوائف والأعراق كسبيل وحيد لاستقرار العراق، كان مستندا إلى دراسته لتاريخ الصراعات والحروب في المنطقة.
وتشجيعه للدراسات التاريخية والأكاديمية لم يكن خافيا على احد انطلاقا من ايمانه بأن الفهم العميق للتاريخ يمكن أن يساعد في بناء مستقبل أفضل للعراق، خاصة في مرحلة ما بعد الحرب وسقوط الأنظمة الدكتاتورية.
لقد كان الرئيس مام جلال مهتما بتوثيق ذكرياته وتجاربه الشخصية والسياسية من منظور شخص عاش في قلب الأحداث والوثائق التي تركها، سواء كانت مذكرات أو مقالات، تعتبر مصادر قيمة لدراسة تاريخ العراق الحديث والحركة الكردية مع حرصه الشديد على مايكتبه التاريخ حوله مستقبلا.
مع اكتمال طبع وتوزيع كتاب توثيقي بعنوان”الاعمال الكاملة للملتقى الوطني الأول للذكرى السادسة لرحيل الرئيس جلال طالباني” بتنسيق مباشر بين مؤسستي بحر العلوم الخيرية والرئيس جلال طالباني والذي يتضمن العديد من البحوث والدراسات القيمة لأصدقاء الرئيس الراحل والمثقفين والأكاديميين في مراكز البحوث والجامعات العراقية وجامعات إقليم كردستان والمؤسسات الوطنية ،نستطيع القول ان اللبنة الاولى من امنيات الرئيس مام جلال قد تحققت حيث ان الكتاب بمثابة انبهار تاريخي يسلط الضوء على دوره ومآثره ومكانته على مستوى العراق وكردستان والمنطقة سياسيا واجتماعيا وقانونيا واعلاميا وانسانيا،فكل ماكتب عنه حتى الان كان مقتصرا على الحوارات والمقالات والخطابات ولكن هذه المرة تم صقل هذا الارث التاريخي المشرق ببحوث ودراسات اكاديمية وهذا امر مهم فبحسب خبراء التوثيق تعتبر المقالة أكثر اختصارًا وذات طابع ذاتي، بينما البحث يعتمد على منهجية علمية دقيقة، أما الدراسة فتكون شاملة وتحليلية بعمق.
هذا الكتاب التوثيقي يستحق التبجيل والاشادة كونه يوصل عبق افكار الرئيس مام جلال وادواره الوطنية والانسانية ليس للقراء من صناع القرار والباحثين فحسب بل الى صفحات التاريخ المشرقة ليظل إرثه الخالد منارة تلهم الأجيال القادمة بحكمته وإخلاصه في خدمة قضايا الحق والعدالة.
تحية واجلال لروحه الطاهرة ولكل من ساهم في انبثاق هذا الكتاب التوثيقي الرصين