المسرى :
تقرير : وفاء غانم
على غرار المسيحيين في بقية دول العالم، يستعد مسيحييو العراق في ديسمبر من كل عام للاحتفال بميلاد السيد المسيح (ع)، من خلال أداء الصلوات في الكنائس ووضع شجرة الميلاد والزينة الخاصة وانشاد الترانيم وممارسة الطقوس الخاصة بهم في جميع محافظات العراق , داعين من خلالها الى السلام والمحبة وعودة النازحين الى ديارهم , متأملين الخلاص من الغمامات، التي اكتسحت سماء العالم بشكل عام وعلى البلاد بشكل خاص” .
نبذة تاريخية
ويعد مسيحيو العراق من أقدم المجتمعات ، فهم الجزء الاصيل من مكونات المجتمع العراقي حيث ظهرت المسيحية في القرن الأول الميلادي, فضلا عن انها ثاني أكبر الديانات في البلاد.
تقلص المكون
وتضائل أعداد المسيحيين بشكل كبير على مدى عدة قرون ولأسباب عديدة وخاصة بعد 2003.فيما كان عدد المسيحيين في العراق نهايات التسعينيات وحتى عام 2000 يقدر بحدود المليون ونصف المليون، ولكن بعد 2003 انخفض عدد المسيحيين في العراق ، وبقي 20% فقط من المسيحيين في العراق حالياً، أغلبهم في إقليم كوردستان.
وبعد سقوط النظام السابق بدأ المسيحيون بالهجرة الى خارج البلاد، خاصة بعد الاقتتال الطائفي عام 2007 ومن ثم هجمات داعش سنة 2014 التي سيطر فيها على ثلث اراضي العراق .وفق مصادر اعلامية
وكان لهذا المكون ( المسيحي ) حصة الاسد من العمليات الارهابية والتخريبية التي قام بها التنظيم ابان حكمه على تلك الاراضي , حيث أدى إلى تهجير 90% من المسيحيين الأرثوذكس, تاركين خلفهم منازل وعقارات والتي باتت استعادتها شبه مستحيلة في ظل عدم استقرار سياسي وضعف الأمن في البلاد, فضلا عن تدميرعناصر التنظيم للمراقد الدينية والكنائس والتي غالبيتها تعد اثرية .بحسب مراقبين
وتم تدمير ونهب محتويات 43 كنيسة في سهل نينوى, وفقاً لاحصائية مديرية شؤون المسيحيين في وزراة الأوقاف. وعلى الرغم من عدم وجود إحصاءات رسمية لعدد المسيحيين الذين يعيشون حالياً في العراق، إلا أن التقديرات تشير إلى أن عددهم لا يتجاوز الثلاثمائة ألف نسمة، بعد أن حملت غالبيتهم موجاتُ الهجرة المتعاقبة.
وكانت مصادر اعلامية قد كشفت في وقت سابق عن أن عدد المسيحيين في العراق واقليم كوردستان في عام 1987بلغ 2,400,000,وفي2003, 1,500000
بينما وصل عددهم في عام 2013,الى 450000 و 300,000,في 2019, و, 400000,في 2021. وفق المصادر، ووفقاً لاحصائية مديرية شؤون المسيحيين في وزارة الأوقاف بحكومة إقليم كوردستان , فأن عدد المسيحيين في الإقليم والمناطق الكوردستانية خارج إدارة الإقليم، ومن ضمنها كركوك وأجزاء من سهل نينوى يتراوح بين 275000 إلى 300000 شخص.
ونزح نحو 138 ألف من المسيحيين إلى إقليم كوردستان خلال هجمات داعش ، وبقى منهم الآن 15%، وعاد قسم قليل منهم أما العدد الأكبر منهم هاجر إلى الخارج.
ووصل عدد المسيحيين في إقليم كوردستان الآن إلى 250 ألفاً.
يحلمون بالمغادرة
وبالرغم من تقلص عدد المسيحيين في العراق الا ان الباقين منهم في البلاد، يحلمون بالمغادرة , أملا في الحصول على حياة كريمة افتقدوها في وطنهم الاصلي.
على وشك الانقراض
وفي مايو/ أيار 2019كان رئيس أساقفة أربيل، عاصمة إقليم كوردستان العراق، اتهم الزعماء المسيحيين البريطانيين بالإخفاق في عمل ما يكفي دفاعاً عن الأقلية المسيحية في العراق.
وقال المطران بشار متى وردة، في خطاب وصف بالعاطفي في لندن: “المسيحيين العراقيين على وشك الانقراض بعد 1400 عام من الاضطهاد”.
وأضاف إنه ” منذ 2003، تضائل عدد المسيحيين بنسبة 83 في المئة، من حوالي 1.5 مليون إلى 250 ألف فقط، وإن الكنيسة العراقية واحدة من أقدم الكنائس في العالم إن لم تكن الأقدم، وتقترب من الانقراض بشكل متسارع، ويجب أن تكون البقية الباقية على استعداد لمواجهة الشهادة”.
وفي سياق متصل تعهد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بدعم بلاده للأقلية المسيحية في الموصل بما في ذلك في إعادة الإعمار للمباني التي دمرت خلال الحرب على “داعش”.
وزار الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون (29 أغسطس/آب 2021) مدينة الموصل ، التي كانت معقلا سابقا لتنظيم داعش.
دولة مواطنة
ومن جانبه دعا بطريرك الكلدان في العراق والعالم الكردينال لويس رفائيل ساكو لدولة مواطنة عبر رؤية وطينة وحوار سليم .
وقال ساكو في رسالة وجهها بمناسبة عيد الميلاد المجيد ( تلقى المسرى نسخة منها )، اليوم الخميس ، إننا ووسط الأجواء السياسية المشحونة بالتوترات والصراعات، وتلوث البيئة وتغيير المناخ، وتداعيات جائحة كورونا، فضلاً عن التحديّات التي فرضتها الانتخابات التشريعية العراقية الاخيرة، يأتي عيد ميلاد السيد المسيح ليذكّرنا بقوة برسالة الرجاء المفعمة بالسلام والاخوّة والمحبة والتضامن وبـــبركات الله.
وأكد بطريرك الكلدان في العراق والعالم على الارتقاء بالعمل السياسي والخَدَمي في العراق عبرَ رؤية وطنية مخلصة، وفضاء سليم للحوار في مواجهة الأزمات المتراكمة والمشاكل الشائكة لصالح الأمن والأمان وترسيخ الديمقراطية ونبذ الخلافات وكسر الإنتماء الطائفي وترسيخ الانتماء الوطني والسعي معاً لبناء دولة مدنية، دولة مواطنة، دولة عدالة وقانون.
وكان لويس رافائيل ساكو، رئيس الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية في بغداد،قد قال في وقت سابق إن “عودة المسيحيين مرهونة بالعراقيين والحكومة.
الى ذلك أعلنت الحكومة العراقية تعطيل الدوام الرسمي، يوم الاحد المقبل، بمناسبة عيد ميلاد المسيح (ع). فيما أعلنت حكومة اقليم كردستان، عن تعطيل الدوام الرسمي سبعة أيام.