المسرى :
تقرير : وفاء غانم
تعاني السكك الحديدية هي الاخرى في العراق من الاهمال والتقصير من قبل الجهات المعنية وخاصة بعد 2003 , لتعرضها لتدمير وخراب كبيرين في ظل الحروب والاوضاع المضطربة التي عاشها البلد ومازال , وسط غياب أعمال صيانة وإدامة لها بالشكل الفني الصحيح.
ورغم مرور سنوات على انتهاء الحروب في العراق ومن ضمنها حرب داعش ، إلا أن القطارات التي تدخل المحافظات مازال أغلبها غائب عن الحضور بسبب انهيار البنى التحتية للسكك الحديدية ، باستثناء خطي ” بغداد- الفلوجة”، و”سامراء- بيجي”، أعيد افتتاحهما عام 2018.
وقطار بغداد- البصرة، الذي يواصل السير بإتجاه جنوب البلاد، دون تعثر مقارنة بما هو عليه الحال في المناطق الغربية والشمالية إلا أن أعداد المسافرين مازال عند مستويات متدنية.
البدايات
ويعود تاريخ إنشاء السكك الحديدية في العراق إلى أوائل مطلع القرن الـ20، على يد الألمان الذين أنشأوا شبكة سكك حديدية لنقل الأفراد والبضائع في العراق، امتدت من مدينة البصرة جنوباً وحتى الحدود التركية، مروراً بالناصرية والسماوة والديوانية وبابل وبغداد وسامراء والموصل، طورت فيما بعد من قبل البريطانيين وامتدت إلى نحو أكثر من ألفين كم شمالاً وجنوباً وغربا.
ويعد العراق من أوائل دول الشرق الاوسط استخداما للقطارات بنقل المسافرين والبضائع ، وسجلت أول رحلة تم تسييرها من بغداد إلى سميجة (الدجيل) جنوب مدينة سامراء سنة 1914 بينما تم تسيير أول قطار بين بغداد والبصرة سنة 1920، وأول قطار بين بغداد وكركوك سنة 1925، وأول قطار بين بغداد والموصل تم تسييره سنة 1940.
الاكثر اقبالا
شكلت القطارات في أواسط تسعينيات القرن الماضي،الوسيلة الأكثر إقبالاً بين العراقيين لرخص التكاليف وقلة الحوادث مقارنة بما تسجله العجلات على الطرق العامة وخصوصاً السريعة والخارجية منها, لكن ما يواجهه السائقون ( سائقوا القطارات ) مؤخرا خلال رحلاتهم من عقبات في طريقهم خلّف قلقاً واستنفارا لدى المسافرين اتجاه وسيلة النقل هذه.
الربط السككي شبه متوقف
وامتدت مسارات السكك الحديدية في العراق لأكثر من 2000 كيلومتر. وهي تختلف في مسار قياسي يساوي 1435 مم. ومشغل نظام فيها هو IRR.لكن الازمات والظروف الاقتصادية والامنية السيئة التي مر ومازال يمر بيه العراق على مدى عقود أثر بشكل كبير على حالة قطاع السكك الحديدية ففي عام 2003 ، تم إيقاف حركة الركاب تمامًا ، مع بدء الحرب. فيما بدأ النقل بالسكك الحديدية مرة ثانية في عام 2008.
ومن الخطوط السككية التي تربط العراق بدول الجوار، خط بغداد الذي يمتد حتى خانقين ثم إلى الحدود الإيرانية، والتي ألغيت عام 1980 بعد اندلاع الحرب العراقية – الإيرانية، إضافة إلى خط بغداد – كركوك الذي توقف العمل به قبل أعوام طويلة. فضلا عن خط ثالث يربط العاصمة بغداد بمدينة القائم الحدودية مع سوريا، يمرّ بمدن الفلوجة والرمادي وعكاشات لنقل الأفراد والمنتجات النفطية والبضائع، لكنه تعرّض لأضرار كبيرة خلال المعارك مع تنظيم “داعش” أثناء تحرير مدن محافظة الأنبار.
قديمة ومتهالكة
وقال مدير الشركة العامة للسكك الحديد، طالب الحسيني، في تصريح صحفي في وقت سابق , أن “طول خطوط سكك الحديد في البلاد يبلغ 2000 كيلومتر، ولكن ما نسبته من (60 إلى 70) بالمئة منها قديمة ومتهالكة نتيجة التجاوزات وتردي الأوضاع الأمنية في بعض المحافظات على امتداد الأعوام الماضية”.
واضاف الحسيني “ان إعمار وتأهيل خطوط السكك بحاجة إلى مخصصات مالية خاصة وأن ما يتم رصده لوزارة النقل من أموال تعد غير كافية”، مشيرا إلى “مباشرة الملاكات الهندسية والفنية في المناطق الجنوبية والوسطى بحملة واسعة لإزالة التجاوزات والمعابر غير النظامية على خطوط السكك لغرض ضمان انسيابية حركة القطارات”.
اعادة تأهيل وصيانة
وكشف مدير الشركة العامة لسكك حديد العراق طالب الحسيني في تصريح صحفي في وقت سابق عن حملة لتأهيل السكك التي دمرها “داعش” والعمليات العسكرية التي أعقبت احتلال التنظيم لعدد من محافظات البلاد.
واضاف أن “الشركة باشرت بحملة صيانة خط بغداد – بيجي الذي يصل إلى مصفاة بيجي التي تعتبر من المصافي المهمة في البلاد”، مبيّناً أن الكوادر الهندسية تواصل إكمال خط مع مدينة الموصل، ويقترب العمل به من مشارف محطة قطار المدينة.
واشار الحسيني إلى أن الشركة تقوم حالياً بتأهيل خط القائم – عكاشات بعد أن تم إكمال تأهيل خط بغداد – فلوجة بطول 66 كيلومتراً، موضحاً أن “حكومة الأنبار تتولى إصلاح جسور السكة المتضررة وبلغت نسبة الإنجاز فيها 10 في المئة”.
ورجح افتتاح خط سكك بغداد – القائم، الذي يبلغ طوله نحو 450 كيلومتراً، في نهاية العام الحالي. والذي يُعد من الخطوط المهمة لنقل المنتجات النفطية والبضائع والفوسفات المنتجة في منطقة عكاشات بمحافظة الأنبار إلى بغداد وبالعكس.
وفي 20.12.2020أعلن وزير النقل العراقي ناصر بندر الشروع بإصلاح ومدّ خط سكة حديد يربط بغداد بمدينة الموصل مركز محافظة نينوى (شمال) وصولا إلى تركيا.
وقال بندر في تصريح صحفي “عمليات البدء الأولية بالمشروع، جاءت بعد تفكير بشكل جدي لإعادة تشغيل القطار من بغداد إلى الموصل ومن ثم إلى تركيا”.
وذكر أن بلاده بدأت فعليا في إصلاح بعض القناطر التي دمرتها عناصر تنظيم داعش، “وخلال شهرين سيكتمل العمل.. مشيرا الى أن الخطة الكبرى تتمثل في ربط ميناء الفاو (جنوب) بتركيا”.
لافتا : “لدينا شركات صينية وتركية وشركات أخرى قدمت لبناء القناة الجافة”.
القناة الجافة
ويمكن تلخيص مشروع “القناة الجافة”، بأنه خطة لجعل العراق ممرا للبضائع القادمة من أستراليا وشرق آسيا نحو أوروبا عبر تركيا، وذلك عبر إفراغ السفن حمولاتها في الموانئ العراقية على الخليج العربي، وخاصة ميناء الفاو “قيد الإنشاء” ومن ثم نقلها عبر خطوط نقل برية إلى تركيا ومنها إلى أوروبا.
من جانبه، قال وزير النقل الأسبق كاظم فنجان إن المشروع استراتيجي وسيحقق إيرادات كبيرة للعراق. مضيفا أن “الوزارات كافة معنيّة بمشروع القناة الجافة وأن مجلس الوزراء هو الذي يقرّه”، مشيراً إلى أهميته كونه سيربط حوض الخليج بأوروبا من دون المرور بالبحر الأحمر وقناة السويس.
المشروع الاول من نوعه في الموصل
في سبتمبر/ أيلول الماضي، قال نجم الجبوري محافظ نينوى شمالي العراق، إنه سيتم المباشرة بمد سكة حديد للقطارات بين مدينة الموصل (شمال) وتركيا، في خطة لتخفيف الازدحام الحاصل على الطرق البرية.
وأضاف الجبوري في تصريح صحفي ، أن “الطواقم الهندسية والفنية، بالتعاون مع شركات إعمار هندسية تركية، ستبدأ قريبا مد خط حديث للسكة الحديد بين البلدين”.
ويعد هذا المشروع الأول من نوعه في مدينة الموصل مركز نينوى، لما تشهده المحافظة من تعاون وتبادل اقتصادي واستثماري كبير مع الجارة تركيا.
ربط سككي بين العراق وايران
اخيرا اعلن وزير الطرق الايراني رستم قاسمي، عن التوقيع مع الجانب العراقي اتفاقية الربط السككي بين منطقة “شلمجة” الحدودية مع محافظة البصرة.
وأوضح الوزير قاسمي من العاصمة العراقية مساء الاحد بحسب “التلفزيون الايراني”، أن “الاتفاقية التي تم ابرامها مؤخرا حددت شهرا واحدا لبدء العمليات الانشائية تحت اشراف شركة السكك الحديد الايرانية و نظيرتها العراقية”.
وأشار الى أن “الجانبين سيطلقان شركة موحدة لتنفيذ المشروع الذي يستهدف نقل الركاب والانشطة التجارية”، مؤكداً “اهمية الاجتماع الذي عقد اليوم مع رئيس الوزراء العراقي الذي أدى دعمه للمشروع ابرام اتفاقية الربط السككي بين شلمجة الواقعة جنوب غرب ايران مع البصرة”.
ويبلغ طول سكة حديد “شلمجة-البصرة” 35 كيلومترا، ويربط مدينة البصرة الواقعة جنوب شرق العراق بمدينة خورمشهر الإيرانية (جنوب غرب) ويمهد الطريق لوصول إيران إلى البحر المتوسط عبر السكك الحديدية بين العراق وسوريا، وكذلك دول الجوار مثل الأردن والكويت.
ويقول مصطفى موسوي نائب رئيس لجنة تنمية الصادرات بغرفة تجارة إيران ونائب رئيس غرفة تجارة خورمشهر “سكة حديد شلمجة-البصرة ستكون بوابة جديدة لصادرات إيران، وستساهم في توسيع صادراتها إلى الدول الأفريقية والأوروبية وتقلل تكاليف التصدير”.
وقل استخدام القطارات كوسيلة نقل لدى العراقيين لاسباب عدة , حيث يرى المعنييون ان من ابرز أسباب عزوف المواطنين عن استخدام القطار في تنقلاتهم الطويلة ما بين المحافظات، إلى اكتظاظ العراق بالسيارات وخصوصا الحديثة منها ما بعد 2003، والتي تختصر توقيتات الوصول إلى نصف ما يقطعها المسافر عبر تلك العربات,فضلا عن المشاكل والعقبات التي تقف اما سائقي هذه المركبات .
وتداولت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو، قام بتصويره أحد سائقي القطارات العراقية، لينقل معاناته إلى السلطات والمواطنيين الرافضين لهذه الحالة، ويظهر مقطع الفيديو توقف قطار، بسبب سيارة مدنية متوقفة على سكة حديد رئيسية حالت دون إيصاله إلى وجهته، ورافق هذا المقطع تعليقاً صوتياً لسائق القطار الذي يبدو منزعجاً بشدة من إنتظار سائق تلك السيارة، موجهاً لومه إلى السلطات التي تحاسبهم من دون أن توجه أي عقوبة على المخالفين، وتابع السائق قوله شاكياً معاناته لإيجاد حل لها من قبل الوزارة المعنية بهذا الشأن، مطالباً بمراعاة ظروف سائقي القطارات، بدلا من جعلهم أكباش فداء لأخطاء لم يرتكبوها.
ودفعت ظروف إحتلال داعش للعراق قبل سبعة أعوام فضلاً عن قدم السكك الحديدية والتجاوزات الحاصلة عليها، إلى خروج أغلب السكك الحديدية في العراق عن الخدمة . بحسب المتحدث الرسمي باسم وزارة النقل والمواصلات العراقية حسين الخفاجي.