المسرى..
إعداد: كديانو عليكو
تعتبر الموسيقى الكوردية فنّاً قديماً ومتجذّراً، يعود لفترة آل “هريان”، وهم أسلاف الكورد الحاليين، وللموسيقيين الكورد دور كبير في الحياة الفنية خلال العصور الإسلامية، كان أحدهم الموسيقي الشهير وعبقري الأندلس “زرياب”.
الأغنية الكوردية تشدو في بغداد
وأقامت دار الثقافة والنشر الكوردية مهرجان الأغنية الكوردية تحت شعار (الأغنية الكوردية تشدو في بغداد… للسلام نُغني)، وذلك في قاعة الريان الملكية في منطقة الوزيرية ببغداد.
ويقول المدير العام في وزارة الثقافة جبار بحسب بيان للوزارة تلقى (المسرى) نسخة منه، إنَّ إقامة مهرجان الأغنية الكُوردية في بغداد ما هو الا احتفال بجزء مهم من الثقافة العراقية وهي الثقافة الكوردية.
جزء من تأريخ الغناء العراقي الأصيل
من جهته أكد المدير العام لدار الثقافة والنشر الكوردية آوات حسن أمين، أنَّ الأغنية الكوردية هي جزء من تأريخ وثقافة الكورد لما تمثله من واجهة حضارية للشعب الكوردي، وهي بالتالي جزء من تأريخ الغناء العراقي الأصيل والعريق، وما يعكسه من صورة جميلة لحضارات ما بين النهرين وعلى مر العصور.
وشاركت في المهرجان فرقة الفنون الشعبية في أربيل التي قدمت لوحات فنية استعراضية جسدت طبيعة كوردستان الخلابة ومعنى التآخي بين جميع أطياف الشعب العراقي، كما قدم كلٌ من الفنانين هڤال خانقيني وشنيار نجيب واحمد الكوردي أغانيهم باللغتين الكوردية والعربية .
لون من ألوان الغناء العراقي
ويقول الناقد الموسيقي حيدر شاكر، إنَّ الأغنية الكوردية هي لون من ألوان الغناء العراقي حالها في ذلك حال المقام والأغنية الريفية في مناطق الفرات الأوسط وجنوب العراق والبادية، موضحاً أنَّ الأغنية الكوردية تتميز بجمال الإيقاع المرح المصاحب للدبكات الكوردية المستوحاة من طبيعة أرض كوردستان والتي تعبر عن روح المواطن الكوردي.
عبقري الاندلس
عمل زرياب عبقري الاندلس على جلب تقاليد موسيقى الشرق الأوسط إلى إسبانيا، ودرَّب موسيقيين محلّيين على الأساليب الكوردية الموسيقية المختلفة، كما قام بتأسيس الكثير من مقامات موسيقى الشرق، وتحسين بنية آلة العود.
ويعتبر زرياب “الكوردي” السببَ وراء اختراع الموشحات الموسيقية، لأنه عمَّم طريقة الغناء على أصول النوبة.
كما أدخل زرياب على فن الغناء والموسيقى في الأندلس تحسينات كثيرة، وأهم هذه التحسينات: جعل أوتار العود 5، مع العلم أنها كانت 4 أوتار. أدخل على الموسيقى مقامات كثيرة لم تكن معروفة قبله. جعل مضراب العود من ريش النسر بدلاً من الخشب. افتتاح الغناء بالنشيد قبل البدء بالنقر.
وقد نقل زرياب من بغداد إلى الأندلس طريقتين في الغناء والموسيقى هما:
طريقة الغناء على أصول النوبة. وطريقة تطبيق الإيقاع الغنائي مع الإيقاع الشعري.
اهم الموسيقيين
كما كان إبراهيم الموصلي وإسحاق الموصلي من أهم الموسيقيين الكورد خلال الفترة العباسية. فقد ألَّفا الكثير من الأعمال في علم الموسيقى وأسرارها. فيما كان وصفي الدين رماوي مؤسس أول مدرسة موسيقية، ومحمد الخطيب أربيلي هو الذي درس الموسيقى الشرق أوسطية بكل تفاصيلها.
الموسيقى الكوردية المعاصرة
استطاعت الموسيقى الكوردية الحزينة في المنفى أن تجد لها منفذاً، وكوَّنت شركات إنتاج خاصة بها، مدعومة من قبل الحكومات الأوروبية.
وتاثرت الموسيقى الكوردية المعاصرة بالموسيقى العالمية، مثل موسيقى البوب والكونتري سايد “الريفية” المنتشرة في الغرب، على الرغم من المحافظة على كتابة الأغاني باللغة الكوردية، ومحاولة جعلها مزيجاً من ثقافتهم وثقافة الآخر. ومن هذه الأسماء شوبن، كوما هنر، بيران قادر زاده، رونيكان حسو، ماهر هيكان وغيرهم.
مدرسة ماليكان الموسيقية
بدأت دراسة الموسيقى الكوردية على يد كاهن أرميني يدعى فارتابين كوميتاس عام 1904. وأسَّسس أول مركز أكاديمي للموسقيى الكوردية في مدينة يريفان، عاصمة أرمينيا، واسمها مدرسة “ماليكان”، حيث تقوم بتدريس موسيقى الدينغبيج القديمة.
كما قام الأكاديمي الكوردي سيميلا سيليل بجمع الأغاني الكوردية في كتابين، صَدَرا خلال عامي 1964 و1965.
انواع الموسيقى الكوردية
يقوم بتأدية الموسيقى الكوردية منذ القدم ثلاثة أشخاص هم: المنشدون، ورواة القصص، والشعراء.
وقامت الموسيقى الكوردية الحزينة الكلاسيكية على نوع معيّن يتعلق بالمحاكم الكوردية، يؤدَّى بين الحشود خلال فترة المساء. بالإضافة إلى العديد من الأغاني والمَلحميَّات التي تعكس الطبيعة الكوردية الجميلة، مثل “اللاوك” الشعبي، وهو عبارة عن أغنية أو ملحمة شعبية بطولية، تعيد سرد حكايات الأبطال الكورد. والــ “هيران” أو أغنية الحب الشهيرة، التي تتحدث عن كآبة الفراق أو الحب المستحيل.
وهناك موسيقى دينية تدعى “اللاوجي”، وأغاني الخريف “بايزوك”، والأغاني الإيروتيكية التي تتحدث عن الحب والجنس، وتفاصيل حياة الإنسان الكوردي البسيط.
عمالقة من كوردستان العراق
امتلك الكورد في العراق في بادئ الأمر حريّة الغناء، بعيداً عن التطرق للمواضيع السياسية. وكان علي مردان أحد أهم الملحنين والمطربين الكورد.
وشارك الكثير من مغني كوردستان العراق في محافل موسيقية عربية عدة، وهو ما جعل الموسيقى الكوردية تتأثر بالموسيقى العربية، وهو ما نجده في أعمال العمالقة “تحسين طه، وعلي مردان، وكريم كابان، وإياز يوسف، وعيسى برواري، وكاويس آغا، وشمال سايب، وعازف الكمان الشهير دلشاد”.
كما اشتهر زكريا عبدالله وعدنان كريم بموسيقى البوب الكوردية في العراق.
مهرجان بغداد يستعيد ذاكرة اقدم اغنية كوردية
بعد اقامة مهرجان الاغنية الكوردية في بغداد، تعيدنا الذاكرة الى تاريخ اقدم اغنية كوردية في العالم، حيث عُثرت في العام 1950، وخلال عملیات البحث التي قام بها عالم فرنسي في موقع اوغاریت في سوريا ، علی لوحة لأغنية كوردية هورية سميت ـ البیت الهوري ـ مكتوبة بالحروف المسمارية.
ويعتقد العلماء بأن هذه الأغنية يعود تأريخ كتابتها للعام 1400ق.م ، وتعد هذه الأغنية أقدم أغنية في العالم، كتبت للملكة أوغاريت نيكال .
كُتبت قبل الاغنية اليونانية
وأشار العلماء بانهم وبعد أن اكتشفوا اللوحة وأعادوا صياغتها على الأسس الموسيقية تبين بأن هذه الأغنية كتبت قبل الأغنية اليونانية،
وقد كانت هذه الأغنية الكوردية الهورية ذات شعبية كبيرة في القرن الرابع عشر قبل الميلاد .
كما اكتشفت في هذه اللوحة عن وجود ثقافة موسيقية يعود تاريخها إلى العام 1400ق.م .