المسرى… تقرير : فؤاد عبد الله
تحل علينا بعد أيام الذكرى السنوية الواحدة بعد المئة لتاسيس الجيش العراقي، احد أقدم جيوش الشرق الأوسط في العصر الحديث، ولتعزيز وتقوية مكانة هذه المؤسسة العسكرية العريقة، أقرت الحكومة العراقية في ايلول من العام 2021 مشروع قانونا للتجنيد الإلزامي في المؤسسة العسكرية بعد 18 عاما من إلغائه، ومن المقرر أن يرسل هذا المشروع إلى مجلس النواب القادم لمناقشته والتمهيد لإقراره.
ولكن مع هذا، كان المشروع أوالمقترح مثار خلاف بين الأوساط النيابية والسياسية العراقية، إذ عارضته بعض الأوساط بسبب تفصيلات إلزامه وصلاحيات توقيتاته.
مجتمع متعسكر
وفي هذا السياق يقول اللواء المتقاعد والخبير في الشؤون العسكرية طارق العسل لـ( المسرى) إن “التجنيد الإلزامي حتى لو صدر لن يقلل من المظاهر المسلحة في البلاد ،لأن المجتمع هو في الأساس مجتمع متعسكَر، البلاد تحتاج إلى حلول ودراسات أخرى، وقد يكون التجنيد الإلزامي من أحد تلك الحلول”، مبيناً أنه في السابق “كانت المؤسسة العسكرية خليطا من كل القوميات التي تعيش في العراق ومندمجين في بوتقة تسمى المؤسسة العسكرية، وكان النظام في وقته متسلطاً ومركزياً وأمنياً وقمعياً، هي من كانت تدير تلك المؤسسة بكل قوتها”.
الإنتماء للوطن
وأكد العسل أن “الوضع اليوم مختلف، النظام تغيير والمواطن بحد ذاته يغلب عليه مبدأ الدين والقومية والمذهب، ومتى ما تجاوزنا هذه الامور، وصار الإنتماء للوطن وللعراق اقوى من الإنتماء القومية والمذهب والدين، في تلك الحالة نستطيع أن نصدر قانوناً للتجنيد الإلزامي ونضعه حيز التنفيذ”، لافتاً إلى أن “الجميع اليوم ينادي بالطائفية والقومية من أعلى سياسي إلى أصغر موظف بالدولة، لذا هذا المشروع لن يضيف شيئاً، وإنما يعمق الخلافات ويزيد الفجوة بين طبقات ومكونات المجتمع”.
العبرة ليست في القانون
ومن جهته يقول الخبير في شؤون الأمن والدفاع العميد ضياء الوكيل لـ( المسرى) إن “العبرة ليست في إصدار قانون التجنيد الإلزامي، وإنما القدرة على ترجمته إلى إجراءات على أرض الواقع، منها
أستحداث مديرية عامة للتجنيد، لها فروع في كل المحافظات، كما ان تطبيق القانون ومعسكرات تدريب في مناطق آمنة والتوسع في تشكيلات المحاكم العسكرية ومفارز الإنضباط العسكري لمحاسبة المتخلفين
عن أداء الخدمة الإلزامية، إذن الأمر ليس فقط صدور قانون، وإنما تأمين الموارد البشرية والعسكرية والمادية والدعم اللوجستي”.
جيش محترف وحديث
ويرى الوكيل أن العراق اليوم بحاجة إلى جيش محترف حديث، يعتمد على النوع وليس الكم، وبصدورهذا القانون فأن المؤسسة العسكرية ستصيبها الترهل، وما التجنيد الإلزامي إلا موضوع قد تجاوز الاحداث وحركة التاريخ والزمن، نحن اليوم بأمس الحاجة إلى إعادة وقراءة الخريطة بكل أبعادها، إضافة إلى تشخيص التحديات والمخاطر التي تواجه العراق وبناء المؤسسة العسكرية عليها”.
نظام التطوع
وبعد أحداث العام 2003 ألغى الحاكم المدني الأميركي للعراق بول بريمر قانون التجنيد الإلزامي وحل بموجبه كافة التشكيلات العسكرية والأمنية، واعتمد نظام التطوع في المؤسسات الأمنية والعسكرية محل التجنيد الإلزامي.