د. نبراس المعموري
يعد سلوك المعلمة او المعلم في المدرسة، امراً مهما في تشكيل شخصية الطفل، وتعتبر المدرسة، وبخاصة المراحل الأولى منها ، بيئة أساسية لنمو الفرد كونها شريك اساسي في التنشئة الاجتماعية لما تتركه من اثر طويل الأمد .
ان سلوك المعلم او المعلمة و الادارة المدرسية القائم على التشجيع والمكافأة وتوفير بيئة تعليمية مرحة تشجع على اكتساب المعرفة ، يؤدي إلى تعزيز ثقة الطالب بنفسه وحب التعلم وتطوير مهاراته الاجتماعية بطريقة فعّالة ومحترمة.اما إذا كان سلوك المعلم او المعلمة عكس ذلك متمثلا بالانتقاد والسخرية أو توجيه ملاحظات جارحة وقاسية مصحوبة بالعقاب البدني و الصراخ او عدم مراعاة اختلاف مستويات التعلم بين الطلاب و احتياجات الذين يعانون من صعوبات التعلم؛ فحتما ذلك السلوك الخاطئ سيؤدي الى ضعف ثقة الطالب بنفسه، و زيادة القلق والخوف من المدرسة وتراجع الدافع للتعلم.
للأسف غالبا ما ينشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي التعليمات والمواد القانونية التي تضمن الحماية للمعلم ، دون الاهتمام بذات الوقت بشريحة الطلاب ، وما يترتب عن اي سلوك عدواني او غير صحيح من قبل المعلم او ادارة المدرسة ، فمثلا اشارت نقابة المعلمين العراقيين، الى العقوبات الواردة بقانون حماية المعلم رقم 8 لسنة 2018، و حددت عقوبة المعتدي على الملاكات التدريسية وفقا للقانون، بالحبس مدة لا تقل عن أربع سنوات وبغرامة لا تقل 5 ملايين دينار ولا تزيد عن 10 ملايين دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين بحق كل من يعتدي أو يتوعد بمطالب عشائرية”.
ورغم ضعف تسليط الضوء إعلاميا على الإجراءات القانونية في حال تعرض الطالب الى الاعتداء او الاساءة من قبل المعلم او ادارة المدرسة، إلا ان مواقع التواصل الاجتماعي وما ترتب عن الفيديوهات المنشورة، كانت خير رادع لسلوكيات خاطئة ، فعلى سبيل المثال أصدرت وزارة التربية العراقية قرارا بإعفاء مدير متوسطة في الكرخ الأولى من منصبه على خلفية تجاوزه اخلاقيات المهنة، وقيامه باطلاق العيارات النارية في احدى المناسبات الوطنية التي أقيمت داخل الحرم المدرسي. وكذلك قرار الوزارة إعفاء مديرة مدرسة ابتدائية من مهامها وفتح لجنة للتحقيق ، بعد ان اظهر مقطع فيديو للمديرة وهي تمارس الضرب الجماعي بحق التلاميذ، وغيرها من الحوادث .
و قد يعلق البعض من جيل القرن الماضي ويقول “تربينا على أن يكون هناك استخدام للعنف داخل المدرسة ، وتخرجنا واكملنا مشوار حياتنا المهني والاجتماعي من دون مشاكل ” !!! لكنني امام بعض تلك التعليقات التي اسمعها مرارا وتكرار.. اتساءل ؟ كم منهم عاش و درس وتخرج وهو يحمل في داخله شعور الخوف ، وعدم الثقة والإرباك بسبب سلوك المعلم او ادارة المدرسة ؟ قد يكون حق تلك الأجيال في التعبير وما ترتب عن العنف المدرسي .. ضعيف ،بسبب قلة وسائل التعبير او الإعلان او الإفصاح في حينها ! ، إلا ان مسار الحياة اليومية بعد كل هذه السنوات تغير كثيرا ، خاصة مع انتشار (صحافة المواطن ) واقصد هنا الصحافة البناءة والمهنية منها وليست صحافة الفضائح وكسب الانتشار .
لابد من العمل على تحسين سلوك المعلم حفاظا على هيبة المؤسسة التربوية وعلى سلامة وتنشئة اولادنا ، وذلك من خلال التدريب المهني المستمر لغرض زيادة فرص تعلم الأطفال ونجاحهم ، إضافة إلى التغذية الراجعة الإيجابيةباستخدام تعليقات إيجابية حول أداء الطلاب وسلوكهم ، بما يضمن تعزيز ثقة الأفراد بأنفسهم ، وتفعيل لغة الحوار والاحترام المتبادل . فالإيجابية والتشجيع عوامل رئيسية في بناء شخصية قوية ومستقلة، في حين أن السلبية قد تؤدي إلى نتائج عكسية تؤثر على تنشئة الاطفال على المدى الطويل. لذا على وزارة التربية تكثيف الورش التدريبية المتخصصة للكوادر التعليمية من حيث الأداء والسلوك وتحسين البنية المدرسية، لتحقيق أقصى قدر من الفائدة تربوياً.
ختاما .. وانا اكتب كل تلك السطور تذكرت افتح يا سمسم وكلمات اغنية مدرستي (هل تدري ماذا في قلبي مدرستي الحلوة في قلبي وأبادلها وتبادلني كل الحب) دمتم بسلام ومحبة