محمد شيخ عثمان
التعداد السكاني ضروري لبناء مجتمعات مستدامة ومتوازنة تلبي احتياجات مواطنيها وله العديد من الفوائد والضرورات ابرزها التخطيط التنموي، توزيع الموارد، وضع السياسات العامة،، الإحصاءات الاقتصادية، إدارة الأزمات، رصد التغيرات الديموغرافية و التوازن الانتخابي.
على مستوى التخطيط التنموي، يوفر التعداد معلومات تساعد الحكومات في وضع خطط لتلبية احتياجات السكان من الصحة، والتعليم، والإسكان، والبنية التحتية.
وفيما يخص توزيع الموارد، يساهم التعداد في تخصيص الموارد بشكل عادل بناءً على الكثافة السكانية واحتياجات المناطق المختلفة واقتصاديا يساعد في معرفة القوة العاملة، ومعدل البطالة، والطلب على الوظائف، مما يعزز معرفة الدولة بخطوات التنمية الاقتصادية.
ولوضع السياسات العامة،يعتمد صانعو القرار على بيانات التعداد لتحديد الأولويات في السياسات الاجتماعية والاقتصادية.
و في إدارة الأزمات، يوفر التعداد بيانات دقيقة تُستخدم في حالات الطوارئ والكوارث الطبيعية لتوجيه المساعدات والخدمات.
ولرصد التغيرات الديموغرافية، يساعد التعداد في متابعة النمو السكاني والهجرة، ما يدعم التخطيط المستقبلي..
واخيرا يساهم التعداد في تحديد عدد الدوائر الانتخابية وتمثيل السكان بشكل عادل في البرلمان والمجالس التشريعية.
اللافت للنظر ان التعداد السكاني في زمن التكنولوجيا الرقمية يشهد تحولاً كبيراً بفضل اعتماد التقنيات الحديثة، ما يجعل عملية جمع وتحليل البيانات أكثر دقة وسرعة مقارنة بالأساليب التقليدية وقد أصبح التعداد العام أكثر كفاءة ودقة بفضل الاعتماد على خوارزميات متقدمة لتحليل البيانات السكانية من قبيل الاعتماد على التقنيات مثل التعلم الآلي ومعالجة اللغة الطبيعية لتحسين جمع البيانات، تصنيفها، والتنبؤ بالاتجاهات المستقبلية وهذه الأدوات تساعد في تقليل الأخطاء، تسريع العمليات، وخفض التكاليف، مع ضمان شمولية التعداد ليشمل جميع الفئات السكانية، حتى في المناطق النائية ووفرة الاسئلة .
لقد فتح التقدم التكنولوجي و الذكاء الاصطناعي آفاقاً جديدة لتحويل التعداد إلى عملية مستمرة توفر بيانات محدثة ودقيقة تُسهم في دعم السياسات التنموية واتخاذ القرارات الاستراتيجية ومعرفة النسبة السكانية.
توظيف التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي في التعداد العام لا يساهم فقط في تحسين العملية فحسب، بل يغير مفهومها بالكامل، لتصبح أكثر شمولية، دقة، واستدامة ليصبح التعداد عملية مستمرة بدلاً من كونه حدثاً دورياً، بفضل الأنظمة الذكية التي تراقب التغيرات الديموغرافية لحظياً.
مقارنة بالعمليات السابقة للتعداد او الاحصاء السكاني في العراق ،اضفى التقدم التكنولوجي ومقتنيات الذكاء الاصطناعي ملامحا جديدا على التعداد وفسح المجال امام تطور اكثر ومن ابرز ملامح هذا التحول الاعتماد على استخدام التقنيات الرقمية مثل تطبيقات الهواتف الذكية، المواقع الإلكترونية، والأجهزة المحمولة لجمع البيانات السكانية، مما يقلل من الحاجة إلى الاستبيانات الورقية التقليدية وايضا الاعتماد على الأقمار الصناعية وتقنيات GPS تُستخدم لرسم الخرائط وتحديد المناطق النائية بدقة.
يوفر التكنولوجيا الرقمية فرصة لاستغلال البيانات المتوفرة عبر منصات التواصل الاجتماعي، سجلات الهواتف، والأنظمة الصحية لتحليل التركيبة السكانية بشكل فوري ومستمر، فالذكاء الاصطناعي يسهم في معالجة البيانات السكانية بسرعة، مما يساعد في تحديد الأنماط والاتجاهات الديموغرافية مثل الهجرة، النمو السكاني، والتوزيع الجغرافي ويسهل الوصول إلى السكان في المناطق النائية أو الفئات المهمشة، مما يعزز شمولية البيانات ويقلل من التحيزات وبالتالي يضمن صورة شاملة وحديثة تُستخدم في التخطيط الحضري، تخصيص الموارد، ووضع السياسات العامة.
اضافة الى ذلك فان خوارزميات الذكاء الاصطناعي لا تُحسن فقط عمليات التعداد الحالية، بل تُعيد تعريف كيفية فهمنا وتحليلنا للسكان واحتياجاتهم .
مقارنة بالتعداد التقليدي، تقلل التكنولوجيا الرقمية التكاليف المرتبطة بالعمالة الميدانية والطباعة، وتُنجز العمل في وقت قياسي و تسهم تقنيات الذكاء الاصطناعي والخوارزميات في تحسين الكفاءة والدقة وتوفير الوقت والموارد.
ستصبح التعدادات السكانية ، رقمية بالكامل في المستقبل مع دمج تقنيات أكثر تطوراً، مثل الواقع المعزز وإنترنت الأشياء.
بغية جمع البيانات بكفاءة ودقة تستخدم التطبيقات الذكية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لجمع هذه البيانات بشكل مباشر من المواطنين عبر الهواتف الذكية أو الأجهزة اللوحية والاستفادة من خوارزميات التعرف على الصور والصوت في تحليل الوثائق أو تسجيل البيانات السكانية ومن ثم بالامكان التحليل التلقائي للبيانات عبر رصد الأنماط الديموغرافية من خلال تحليل كميات هائلة من البيانات لتحديد الاتجاهات السكانية، مثل معدلات النمو، الهجرة، أو الكثافة السكانية.
ولتوقع احتياجات السكان المستقبلية، مثل الإسكان، التعليم، والبنية التحتية تستخدم خوارزميات التعلّم الآلي دون اننسى ان تقنيات الذكاء الاصطناعي تساهم في كشف التناقضات أو الأخطاء في البيانات لضمان دقة النتائج وتسهل الوصول إلى الفئات الصعبة عبر تحديد المناطق النائية و تحليل بيانات الأقمار الصناعية وتقنيات الخرائط الذكية اضافة الى تحسين الأمان وحماية .
التعداد العام وخوارزميات الذكاء الاصطناعي أصبحا مترابطين بشكل متزايد، حيث تعزز الخوارزميات من كفاءة ودقة عملية التعداد ويعتمد هذا التكامل على قدرات الذكاء الاصطناعي في جمع وتحليل كميات هائلة من البيانات بشكل أسرع وأكثر فعالية من الأساليب التقليدية.
مع الذكاء الاصطناعي، اصبح التعداد عملية سهلة ومشبعة بالبيانات وكذلك مستمرة بدلاً من دورية، حيث يتم تحديث البيانات السكانية بشكل دائم باستخدام مصادر مثل الكاميرات الذكية، إنترنت الأشياء (IoT)، والمنصات الرقمية الأخرى وبالتالي يسهل وصول صناع القرار والباحثين الى البيانات للوقوف عند تحليل معين يخص السكان ومايتعلق بهم وتسجيل الفوارق والتغيرات بين كل تعداد عام للسكان.
ختاما ،بامكان الدولة العراقية استثمار التعداد السكاني عبر التقنيات الرقمية من اجل تعزيز النمو والتنوع والعدالة والمساواة والازدهار وايجاد الحلول لمكامن الخلل وجعل عراق مابعد تعداد ٢٠٢٤ مختلفا عن السابق وعدم استخدامه لفرض هوية محددة وسياسات ديمغرافية خاطئة سبق ومارستها الحكومات العراقية ولم تجلب سوى الشرور والويلات على البلد.