أصدر “بيت الإعلام العراقي” أول تقرير من سلسلة يرصد فيها المصطلحات المستخدمة من قبل تنظيم الدولة المعروف بـ”داعش” في حملاته الدعائية والتي تسللت بصورة واسعة إلى التغطية الصحفية لوسائل الإعلام المختلفة.
وتطرق التقرير إلى التغطية الإعلامية لقضية اختطاف النساء الايزيديات عقب سيطرة تنظيم “داعش” على أجزاء من محافظة نينوى واستغلالها للإثارة الإعلامية.
وحسب التقرير فإن وسائل الإعلام العراقية والعربية والأجنبية ناطقة بالعربية استخدمت على نطاق واسع نفس المفردات التي استخدمها التنظيم المتشدد عند الحديث عن النساء المختطفات على مختلف منصاته الإعلامية المعروفة واهملت المفردات الصحيحة والقانونية الدقيقة لوصف ضحايا تلك الممارسات غير الإنسانية.
حيث طغت مفردة “سبية” وجمعها “سبايا” على التغطية الإعلامية لوسائل الإعلام لوصف النساء والأطفال الذين اختطفهم تنظيم “داعش” في 15 آب 2014 بعد اجتياحه لقضاء سنجار وأجزاء أخرى من محافظة نينوى.
وهي المفردة نفسها التي استخدمها التنظيم الإرهابي في تبرير عملية القتل والاختطاف والعبودية الجنسية التي نفذها بحق 6417 ايزيديا اغلبهم اطفال ونساء.
وأشار خبراء إلتقى بهم بيت الإعلام إلى خطورة استخدام مصطلح “سبايا” في وصف النساء اللواتي وقعن في أسر تنظيم “داعش”. وشددوا على ضرورة استخدام المصطلح السليم هو “مختطفات” أو “ناجيات” من قبضة التنظيم.
وأشارت نتائج التقرير إلى طغيان استخدام لمصطلح “سبايا” من قبل وسائل الإعلام لوصف حالة النساء الايزيديات اللواتي وقعن في قبضة تنظيم “داعش”، بشكل تماشى كليا مع توجهات التنظيم المتشدد الذي كان يحرص عبر منصاته الإعلامية على تكريس مشروعية أفعاله الإجرامية التي خلقت ذلك الوضع اللاإنساني لنساء وأطفال الأقلية الإيزيدية في العراق.
وأضاف أن وسائل الإعلام أهملت المصطلح القانوني المتعارف عليه في القوانين العراقية والدولية، لتوصيف حالة تلك النسوة بوصفهن “مختطفات” أو “ناجيات” تعرضن لانتهاكات شخصية وجماعية جسيمة على أيدي عناصر تنظيم إرهابي وفق تعريف المنظومات التشريعية كافة للدول التي تنشط فيها وسائل الإعلام موضع الرصد.
وأشار التقرير إلى قيام بعض وسائل الإعلام بوضع مصطلح “سبايا” بين علامتي تنصيص في إشارة إلى أنها مفردة خارجية في محاولة للتنصل من المسؤولية الأخلاقية لموادها الإعلامية.
وسجل بيت الإعلام العراقي غياب السياسة التحريرية الموحدة داخل بعض المؤسسات الإعلامية، ففي قضية الأيزيديات المختطفات استخدم أحيانا مصطلح “مختطفات” وفي أحيان أخرى مصطلح “سبايا”، ما أشر اختلافا في توجهات ومتبنيات المحررين وغياب الرقابة الإدارية والمتابعة القانونية في تحديد المصطلحات الصالحة للاستخدام.
كما تم تسجيل تغيير بعض وسائل الإعلام وصف حالة تلك النسوة من “سبايا” إلى “مختطفات” أو “أسيرات” بعد مرور فترة زمنية، ما دل على حصول مراجعة للسياسة التحريرية بما مكن من تجاوز الأخطاء التي وقعت فيها سابقا.
التقرير رصد وقوع بعض المكاتب الحكومية في نفس الأخطاء التي وقعت وسائل الإعلام فيها من خلال استخدام مصطلح “سبايا” بدلا من “المختطفات”، واستعماله في بعض البيانات الحكومية في إشارة إلى النساء الايزيديات.
كما تم توظيف الأوضاع الصعبة واللاإنسانية التي مرت بها النساء الايزيديات للإثارة الصحفية مثل كتابة عناوين تحتوي على إيحاءات جنسية.
قيام بعض وسائل الإعلام بوصف المختطفات الايزيديات بـ”الاسيرات” وهذا وصف لا ينطبق عليهن كونهن لسن مقاتلات أو منتميات لجهات مسلحة أو تم احتجازهن في ساحة معركة.
وقيام بعض وسائل الإعلام بالاعتماد على ما ينشر على منصات التواصل الاجتماعي من معلومات او صور أو فيديوهات دون التأكد من صحتها أو من مصدرها.
ودعا التقرير وسائل الإعلام اللجوء إلى خبراء في مجال القانون والإعلام واللغة لتحديد المصطلحات المناسبة في الأمور الاجتماعية وخصوصا في قضايا المرأة والطفل، سيما في أوقات الأزمات الإنسانية الناتجة عن العنف المسلح، لما تتمتع به من حساسية شديدة داخل المجتمعات الشرق أوسطية المحافظة والتقليدي، وتجنب المفردات التي تتداول على لسان العامة.
وأوصى بضرورة مراجعة وسائل الإعلام كافة سياساتها التحريرية بين الفترة والأخرى وتوحيد المصطلحات المستخدمة في خطابها الإعلامي، وتشخيص مواقع الخلل وتصحيحه.
وطالب التقرير من القانونين والنقابات والجمعيات والمنظمات المجتمع المدني مواجهة الأخطاء المتداولة في الإعلام وتشخيص المفردات التي تؤدي إلى تشكيل وعي المتلقي بطريقة تجعله أكثر إستعداد لتقبل التفسيرات المتشددة التي تبشر الجماعات الإرهابية بها، وأكثر تسامحا مع الانتهاكات التي تقع بحق أبناء الأقليات الدينية.