الكاتب..محمد حسين الداغستاني
نحن العراقيون مأساتُنا تكمن في تضاءل الأمل يوماً بعد يوم في تحسن اوضاعنا، ووقف تفاقم مشاكلنا ومعاناتنا الحياتية في كافة المجالات، ومنع إنهيار قيمنا الاخلاقية والإنسانية نتيجة العوز والحاجة والإهمال وعدم رؤيتنا لأي بصيص نور في نهاية النفق العتيد.قد يبدو الكلام مغرقآً في اليأس والقنوط ، لكن المعطيات الراهنة تقودنا الى هذا الإحساس الموجع للأسف الشديد، فرسان الساحة مفتونين بالسلطة كما هو معلوم، ومهووسون بالعصبية والقبلية ، وجمع المليارات ومضاعفة أرقام أرصدتهم الخرافية في البنوك والمصارف سراً وعلانية، وهم في شغلٍ شاغل عن حاجة المريض الحائر الباحث دون جدوى عن دواء مرض مزمن نآدر ينقذه من موت محقق، أو تطلع الشاب العاطل عن العمل أو المعيل لأسرة الى فرصة توفر له أسباب الاستمرار في الحياة وتحفظ له بها كرامته الإنسانية وتدرء عنه ذل السؤال ، وأمل اليتيم والأرملة الى من يحميهما من غدر الزمان وكوارث الحاجة وإنقاذهما من براثن تجار الأعضاء البشرية والمتاجرين بالدم والجسد وهكذا…في ميدان الصحافة أيضاً لا يبدو الحال بأفضل من غيره ، فالكلمة الحرة تنوء تحت أثقال ضريبة باهضة ، والحياد ليس سوى نكتة في مفهوم المتسلطين ، وإصرار الصحفي المستقل على التمتع بفرصة ممارسة الرأي الآخر يعني تعرضه الى التغيب القسري عن المهنة التي يؤمن بها بل وعن الحياة ذاتها احياناََ !في ظل هذه المعطيات إستمرار الإعلام والصحافة المستقلة في أداء وظيفتها غير المنحازة والبعيدة عن سطوة الأحزاب والتيارات المهيمنة على تقاليد الأمور ضرب ٌمن الخيال، وحتى الدولة التي دخلها القومي من ثروات البلاد ومن المواطن ذاته لم تفلح على إمتداد المراحل السابقة ، من إنتشال أي صوت مستقل وحر من معاناته الأليمة أو توفير فرص تطوير وسيلته الاعلامية لخدمة الوطن بنزاهة وحيادية بعيداً عن التعصب الأعمى والقسر والإقصاء والضنك المقيم ، فضلاً عن أن نواب الشعب في البرلمان لم يفكروا لحد الآن في إقرار تشريع يحمي الكلمة المستقلة ووسائلها وتوفير اسباب ديمومتها وتطورها.وإلى أن يطل التغيير في الطباع والمفاهيم السائدة وضمان سيادة القانون والنهوض بمرافق الحياة في بلادنا، فالإعلام والصحافة المستقلة تبقى وحيدة في الميدان بإنتظار قدوم الفرج المستحيل !
المصدر : الدستور