الكاتب..عبد جعفر
ليس هناك الا تسريبات قليلة، حول الاتفاق بين بريطانيا والعراق، والذي وقع مؤخرا بين وزيري داخلية البلدين، للحدّ من الهجرة غير النظامية، وللتعاون بصورة أكبر من أجل مكافحة شبكات تهريب المهاجرين.
وأوضحت تلك التسريبات أن البلدين اتفقا على “العمل” لتسريع إجراءات إعادة المهاجرين العراقيين إلى بلادهم، في حال عدم امتلاكهم تصريح إقامة، طبقا للاتفاق الذي ينصّ كذلك على تقديم لندن دعماً مالياً إلى السلطات العراقية.والاتفاق مع العراق ليس الوحيد، فقد سبق أن عقدت بريطانيا اتفاقات مع عدد من البلدان الأخرى التي يأتي منها طالبو اللجوء.وكانت حكومة المحافظين البريطانية السابقة، عملت على ترحيل ممن يرفض لجوؤه، وكان لديها مشروع ترحيل الذين لم تتم دراسة قضاياهم إلى راوندا لحين حسم أوضاعهم.ولما جاءت الحكومة العمالية أبقت الإجراءات السابقة، مع وقف الترحيل إلى رواندا، ولكنها لجأت إلى سياسة أخرى، وهي إعادة تأهيل طالبي اللجوء في أوطانهم من خلال دفع منح إلى حكوماتهم. وكانت الداخلية البريطانية أعلنت مؤخرا، (مناقصة) لإيجاد شركاء تجاريين لدعم “إعادة دمج” الأشخاص الذين لا يحق لهم الإقامة في المملكة المتحدة، في بلدانهم الأصلية.ونُشر (عقد المناقصة) الذي تبلغ قيمته 15 مليون جنيه إسترليني (19.7 مليون دولار) ومدته 3 سنوات، إذ يشير إلى أن الوزارة تسعى إلى “التعرّف على جهات توفّر إعادة دمج مناسبة” لمساعدة المهاجرين على العودة إلى 11 دولة مختلفة. ويعد العراق واحدا منها.وسيساعد المتعاقدون في توفير الغذاء وتعقّب أفراد العائلات وتقديم الدعم في الوصول إلى سوق العمل، إلى جانب أمور أخرى، وفق إعلان المناقصة.
إن هذه الاتفاقية لا تحل المشكلة، خصوصا وأن هجرة العديد من العراقيين تتعدى الأسباب الاقتصادية، فهناك من تتعرض حياته للخطر حقا، تحت تهديد السلاح من التنظيمات خارج الدولة، أو من جراء تعسف المتنفذين في أجهزة الدولة. ولا ندري كيف تستطيع شركات أجنبية حماية طالبي اللجوء بعد أن عجزت الدولة عن ذلك؟ وأين ستذهب أموال الدعم البريطاني؟ومعروف أن نسبة المهاجرين (غير الشرعيين) هي الأكبر قياسا، بالأعداد الضئيلة التي تدخل بصورة شرعية. وكثيرا ما يتم رفض طلباتهم لأسباب تتناقض مع القانون الدولي لحماية اللاجئين، ومنها (لا شرعية الدخول) والسؤال كيف يحصل الهارب من الجحيم على تأشيرات الدخول الرسمية؟
ومن الأسباب المهمة للرفض أيضا، هو عدم قدرة اللاجئ على دفع المال لمحامٍ يتبنى قضيته، وجهله بالقوانين مما يجعله لا حول ولا قوة أمام موظفي الهجرة وقراراتهم. وطالبو اللجوء في بريطانيا اليوم لا يحظون، كما كان سابقا، في الحصول على المساعدة في السكن والعلاج أو الحصول على محام يدافع عنهم، وخصوصا طالبي اللجوء (غير الشرعيين)!وقالت وزيرة الداخلية البريطانية إيفيت كوبر، في بيان، إنّ هذه الالتزامات التاريخية تبعث بإشارة واضحة إلى شبكات التهريب الإجرامية بشأن تصميمنا على التحرّك لملاحقتها في كلّ أنحاء العالم.ومنذ بداية عام 2024، وصل أكثر من 33 ألفاً و500 وافد إلى بريطانيا عبر بحر المانش، وذلك في رحلات الهجرة غير النظامية المحفوفة بالمخاطر، وهو عدد أكبر مقارنة بعام 2023 على الرغم من التعاون الفرنسي-البريطاني لمكافحة هذه الأزمة. ويأتي المهاجرون بصورة رئيسية من أفغانستان وإيران وفيتنام، لكنّ مئات منهم يفدون كذلك من العراق بالقوارب الصغيرة أو بوسائل أخرى.وأعلنت الداخلية البريطانية مؤخرا أن الحكومة تهدف خلال الأشهر الستة المقبلة للوصول إلى أكبر معدلات ترحيل منذ 5 سنوات لطالبي اللجوء الذين رُفضت طلباتهم. ويتمثّل الهدف في ترحيل أكثر من 14 ألف شخص بحلول نهاية العام، وفق تقارير إعلامية بريطانية. وأفاد ناطق باسم الوزارة في بيان بأن الحكومة تخطط لتكثيف كبير في أنشطة التنفيذ والإعادة المرتبطة بالهجرة، لإبعاد الأشخاص الذين لا يحق لهم أن يكونوا في المملكة المتحدة وضمان احترام القوانين وتطبيقها.
المصدر : طريق الشعب