سوران علي
لم تحسم تغريدة زعيم التيار الصدري المريبة لنواب تياره إلى عدم التصويت لمرشح الحزب الديمقراطي هوشيار زيباري لرئاسة الجمهورية الأمر تماما، بل أبقت أبواب السباق نحو قصر السلام بين زيباري ومرشح الاتحاد الوطني الكوردستاني برهم صالح مفتوحة، ولكنها تعد تحولا مهما في رؤية الصدر كون زيباري هو مرشح البارتي حليف التيار، فمجرد اطلاق يد النواب الصدريين في البرلمان وتحكيم ضميرهم وتخييرهم في التصويت سيقضي كليا على حظوظ مرشح البارتي الذي دخل المنافسة معتمدا على تحالف حزبه مع التيار والسنة.
التغريدة جاءت مقيدة بعدم استيفاء الشروط، وهو ما فسِّر على أنها حمالة أوجه، أحدها يرى أنه تلميح إلى أن زيباري غير مستوفٍ للشروط، وآخر يذهب إلى أنه بلغ مرتبة الترشيح بعد أن تجاوز مراحل التحقق والتدقيق وإلا لرفض طلب ترشحه مبكرا، ولكن مع ذلك يجب أن لا ننسى أن هناك دعاوى قانونية مقامة ضده من نواب بتهمة هدر المال العام في وزارة الخارجية ومخالفة التعليمات والتحذيرات وأصدر بحقه طلب استقدام من المحكمة ولم يحضر، ولا يعرف كيف مرّ ذلك على القائمين على تدقيق طلبات الترشح للمنصب ولماذا لم ينتبهوا لهذه الزلة القانونية التي تدخل في صلب شروط الترشح للمنصب السيادي الأعلى في البلاد؟.
وقد توالت القراءات والتحليلات حول التغريدة، منها ما رجحت إذعان الصدر للدعوات المطالبة بإبعاد مَن سُحِبت منه الثقة في البرلمان وارتبط اسمه بملفات فساد ومخالفات قانونية خصوصا وأن نواب التيار كانوا رعاة استجواب زيباري عندما كان وزيرا للمالية عام 2016 وانتهى بإقالته بقرار من مجلس النواب، ومنها ما ذهبت إلى أن الخطوة هي تكتيك لكسر المطالبات بتعطيل جلسة انتخاب الرئيس بالثلث المعطل (111 نائبا) وبالتالي التشجيع على إكمال النصاب القانوني للجلسة، ومنها أيضا ما فسرت دعوة الصدر على أنها لإطلاق يد نوابه للتصويت لزيباري بعد قبول ترشيحه وإعلان اسمه ضمن الأسماء المقبولة من قبل اللجنة المكلفة المعنية في مجلس النواب.
من المعروف أن نواب التيار الصدري يتبعون تعليمات زعيمهم بطاعة عمياء وقد رأينا حضورهم جلسة افتتاح دورة مجلس النواب الجديد بأكفان نزولا عند التوصيات التي أصدرت لهم وهناك أمثلة أخرى لا يسعنا ذكرها، كما أن التيار معروف بتقلباته السياسية وعدم ثباته على حال، ولكن ماذا لو كانت التغريدة حقيقية ولا تقف وراءها أهداف سياسية تكتيكية؟ وماذا لو كانت لتخيير النواب عند التصويت مقابل تنازلات من قوى الإطار التنسيقي وموافقتها المشاركة في الحكومة القادمة حسب رغبة الصدر؟ وماذا لو كانت التغريدة لتبرئة ساحة التيار مما يقال عن دعمه لشخصية مرتبطة بالفساد مخالفا بذلك شعاره “نحن دعاة إصلاح، لا دعاة سلطة وحكم”؟ وماذا لو كانت حجة لإعادة التوازن إلى ميزان القوة المختل والتمادي في التدخل الخليجي السني؟ عندها سيكون الحديث عن بقاء زيباري في المنافسة ضربا من الجنون إذا لم ينسحب منها وأصر على إكمالها حتى النهاية.
تدل المعطيات على أن تغريدة الصدر وإن كانت تصب ظاهريا في مصلحة مرشح الاتحاد إلا أن الوقت لايزال مبكرا للانجرار وراءها ودخول قاعة البرلمان يوم السابع من شباط الجاري لإكمال النصاب، وبالتالي حرق ورقة الثلث المعطل الذي تعول عليها قوى الإطار والاتحاد الوطني ومرشحه كذلك. وبالرغم من كل ذلك توحي التغريدة تغيير ستتضح ملامحه رويدا رويدا.