إن امتناع قائد العمليات العسكرية السيد (أحمد الشرع)، عن مصافحة وزيرة خارجية ألمانيا (آنالينا بيربوك)، خلال مراسيم الإستقبال البروتوكولية التي جرت في دمشق بتاريخ (٣/١/٢٠٢٥)، لمجرد كونها إمرأة ليس إلّا، والتي وصلت إلى دمشق برفقة نظيرها الفرنسي (جان نويل بارو)، نيابة عن دول الاتحاد الأوروبي جميعها، أثار موجة واسعة من الإمتعاض والاستغراب لدى الرأي العام الداخلي والخارجي الذي يراقب باهتمام وحذر شديدين هذه المرحلة الانتقالية التي يقودها السيد الشرع ومحاولته تقديم نموذج جديد للحكم في سوريا.
وقد ذكرتني هذه الحادثة بخبر كان قد نشره موقع (دوتشفيلا الإخباري الألماني)، بتاريخ (١٨/١٠/٢٠٢٠)، والذي يقول: (لقد حرمت السلطات الألمانية طبيبا لبنانيا من الحصول على الجنسية بسبب رفضه مصافحة مسؤولة تسليم شهادة التجنيس، على الرغم من اجتيازه امتحان الحصول على الجنسية بدرجات عالية.. واعتبرت المحكمة أن رفض المصافحة بسبب المفاهيم الثقافية الأصولية، والتعامل مع المرأة على أساس أنها تثير الإغراء، الأمر الذي يعبر عن رفضه للاندماج في الحياة الألمانية..).
ورغم جزئية هذا المشهد في إطار اللوحة المعقدة التي تفرد السيد أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، برسم ملامحها الغامضة لوحده، إلّا أنها مع ذلك تعد ترمومتراً حقيقياً لقياس منسوب الحرية والديمقراطية والكرامة في سوريا الجديدة التي خرج الناس إلى الشوارع بصدور عارية ضد نظام القمع والقهر والإستبداد منذ ما يقارب عقد ونصفً.
أجل إن حرية المرأة (وهي النصف الأهم من أيّ مجتمع)، تعتبر المحك الرئيسي لقياس المسافة الفاصلة بين (الدين والدولة)، والمؤشر الحقيقي لمدى احترام إنسانية الإنسان بغض النظر عن جنسه ودينه وقوميته. فهل سينجح قائد العمليات العسكرية الذي تخلى عن لقبه (أبو محمد الجولاني)، الذي يعكس في مضمونه مراحل حياته الجهادية، ليخرج إلى الناس مواطناً عادياً باسمه الحقيقي (أحمد الشرع)، ليحصل به على الجنسية في سوريا الجديدة التي من أهم شروطها احترام المرأة وفصل الدين عن الدولة؟!.
علي شمدين