د. علي مهدي
تنتهي اليوم المدة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية، ولهذا يدور الآن نقاش بين الباحثين والمهتمين بالفقه الدستوري، مع حالة الانسداد حول انتخاب رئيس الجمهورية، وقرب انتهاء المدة الزمنية التي حددها الدستور لبقائه في منصبه التي تنتهي في السابع من شباط 2022 ، واقتران انتخابه بتكليفه لمرشح الكتلة النيابية الأكثر عدداً بتشكيل مجلس الوزراء.
إن الرئيس العراقي في ظل الدستور النافذ يتمتع بسلطات حقيقية في الكثير من المهام إلى جانب بعض السلطات ذات الطابع الرمزي. وقد حدد الدستور مدة ولاية رئيس الجمهورية بأربع سنوات، ويجوز إعادة انتخابه لولاية ثانية، لكن هذه المدة غير مطلقة، فقد تم ربطها بمدة بقاء مجلس النواب الذي له السلطة بانتخابه. وبما ان المجلس قد حل نفسه ولم يستكمل مدته البالغة، 4 سنوات تقويمية، بفعل الدعوة للانتخابات المبكرة، فرئيس الجمهورية أصبح بمثابة مُسير للأعمال، لأنه يعمل دون رقابة من المجلس الذي انتخبه والذي لم يستكمل مدته الدستورية.
وقد حدد الدستور العراقي النافذ عدد من المواد لانتخاب رئيس الجمهورية وهي:
1 – تنتهي ولايته بانتهاء دورة مجلس النواب.
2 – ان يستمر رئيس الجمهورية بممارسة مهامه الى ما بعد انتهاء انتخابات مجلس النواب واجتماعه.
3 – ان يتم انتخاب رئيس الجمهورية خلال ثلاثين يوماً من تاريخ أول انعقاد للمجلس ( المادة 72).
ومن هذه النصوص يتضح ان رئيس الجمهورية يبقى في منصبه حتى انتخاب مجلس النواب رئيس جديد للجمهورية، وان المعني بذلك هو مجلس النواب الذي يعجز عن أداء مهامه في المدة الدستورية المحددة، وان بقاء رئيس الجمهورية الى ما بعد المدة المحددة يتحملها مجلس النواب تحديدا. ويعتبر ذلك وفق الفقه الدستوري تجاوزا للمدة الدستورية، وهذه لها سوابق عديدة في ظل فترة نفاذ دستورنا الحالي.
خلو المنصب
تطرق عدد من المهتمين الى التجاوز على المدة الدستورية باعتبارها خلوا للمنصب.
فقد تناول الدستور العراقي حالة خلو منصب رئيس الجمهورية، في ثلاث مواد منفصلة وهي ( 61، 72 و 75) ففي المادة 61 في البند السادس تطرق إلى مساءلة رئيس الجمهورية وإعفائه من منصبه، وفي المادة 72 في البند ثانياً تناول مدة ولاية رئيس الجمهورية، وحدوث حالة خلو المنصب خلالها، وكذلك في المادة 75، التي اختصت بحال الاستقالة والغياب، وكذلك عند خلو منصب رئيس الجمهورية لأي سبب كان.
وهناك نوعان من الموانع، اللذان يحولان دون ان يمارس رئيس الجمهورية مهام منصبه، وهما: الموانع المؤقتة، وتخص حالة الغياب والعوائق الدائمة وتتعلق بالعجز والموت والإقالة.
ومن خلال الاستعراض السريع لحالات الخلو، انه ليس لهذه الحالات علاقة مع تجاوز المدة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية، لإعلان حالة الخلو.
ومن الجدير بالذكر ان البند رابعاً المادة من نص على 75: في حالة خلو منصب رئيس الجمهورية، يحل رئيس مجلس النواب، محل رئيس الجمهورية في حالة عدم وجود نائب له، على أن يتم انتخاب رئيس جديد خلال مدة لا تتجاوز ثلاثين يوماً من تاريخ الخلو…
إي أن الذي يحل محل رئيس الجمهورية عند إعلان خلو المنصب هو رئيس مجلس النواب، وأن المجلس الذي هو سبب التعطيل لانتخاب الرئيس الجديد، تتم مكافأته بإعلان رئيسه أن يكون رئيس الجمهورية، وهذا ما لا يستجيب للمنطق وروح الدستور.
مع العلم يطلب الدستور من نفس المجلس ان ينتخب رئيس جمهورية خلال نفس المدة عند إعلان خلو منصب رئيس الجمهورية.
ومن كل ذلك، ان رئيس الجمهورية يبقى يمارس مهامه المنصوص عليها في الدستور، حتى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ويعتبر بقاؤه هو تجاوزا للمدة الدستورية، وأن من يتحمل مسؤولية ذلك هو مجلس النواب تحديدا وليس رئيس الجمهورية.