الكاتب..مجاشع التميمي
يثار الكثير من النقاش في الوقت الراهن بشأن مستقبل القوات الأميركية في العراق مع اقتراب تولي دونالد ترامب إدارة البيت الأبيض. المعطيات الأولية تشير إلى أن ترامب سيعتمد سياسة التريث في اتخاذ أي قرار بشأن هذا الملف، حيث سيحتاج إلى وقت كافٍ لدراسة الوضع بشكل دقيق وإعادة تقييم الدور الأميركي في الشرق الأوسط في المرحلة المقبلة. هذه الخطوة تأتي بعد التغيرات الكبيرة التي شهدتها المنطقة، لا سيما في سوريا، فضلاً عن صراعات وحروب كانت قد شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في لبنان وغزة.
من الواضح أن الوضع في الشرق الأوسط أصبح أكثر تعقيداً من أي وقت مضى، وهو ما يفرض على ترامب وفريقه اتخاذ قرارات استراتيجية محسوبة. فالتحديات الجيوسياسية في المنطقة تتصاعد، والمواقف الدولية والإقليمية التي كانت مستقرة إلى حد ما، قد تغيرت بشكل جذري، ما يفرض على الإدارة الأميركية إعادة النظر في مواقفها وتحالفاتها، خصوصاً في ظل المشروع الصهيوني الذي أصبح أكثر وضوحاً بعد أن كان يُتداول في الخفاء، وهو ما يضيف بعداً جديداً للمسألة.
في هذا السياق، يُتوقع أن تكون سوريا هي ساحة الصراع الرئيسية في المرحلة المقبلة، حيث تتداخل مصالح القوى الكبرى بشكل معقد. ومن هنا يبرز السؤال الأهم: ما هو مصير القوات الأميركية في العراق، الذي بات في قلب المعركة الإقليمية؟
من الواضح أن ترامب سيأخذ وقته قبل اتخاذ أي قرارات حاسمة بشأن الانسحاب أو الإبقاء على القوات الأميركية في العراق. ومن غير المستبعد أن يستغرق الأمر شهوراً، حيث سيعكف فريقه على إعادة تقييم الدور العسكري الأميركي في المنطقة. لكن القرار النهائي لن يكون مجرد خطوة عسكرية، بل سيعتمد على دراسة أعمق للجدوى الاقتصادية والسياسية لبقاء هذه القوات، مقارنة بتكلفتها على المدى الطويل. ستكون لترامب حسابات معقدة لا تقتصر فقط على العراق، بل تشمل الصين وروسيا وأيضاً إيران، ما يجعل من موقفه في العراق جزءاً من صراع أكبر بين القوى الدولية. ورغم أن العراق قد لا يكون في قمة أولويات إدارة ترامب، إلا أن موقعه الجغرافي وأثره على التطورات الإقليمية يجعلان من الصعب تجاهله. فالعراق يقع في قلب الصراع الإقليمي والدولي، وهو في الوقت نفسه محط اهتمام القوى الكبرى، من بينها الولايات المتحدة وروسيا.
ومن المهم أن نلاحظ أن الوجود العسكري الأميركي في العراق مرتبط ليس فقط بمواجهة التهديدات المباشرة، ولكن أيضاً بالحفاظ على النفوذ الأميركي في منطقة تعتبر مركزية في سياسة الأمن الدولي. لذا، فإن أي قرار أميركي بسحب القوات قد يؤدي إلى فراغ، فتورط الولايات المتحدة في حروب الشرق الأوسط قد أظهر عواقب غير محسوبة، ما يجعل البعض يعتقد أن سحب القوات قد يكون الخيار الأفضل. إلا أن المكاسب الاستراتيجية التي يمكن أن تحققها واشنطن من خلال وجودها في العراق، سواء على الصعيد الأمني أو الاقتصادي، قد تعني أن الولايات المتحدة ستظل حاضرة في المنطقة بطرق أخرى.
وفي هذا الإطار، تشير التوقعات إلى أن ترامب قد يختار تقليص الوجود العسكري الأميركي بشكل تدريجي، مع تعزيز التعاون الاستخباراتي والدعم اللوجستي لحلفائه في المنطقة. وفي نفس الوقت، ستواصل الولايات المتحدة تعزيز العقوبات على إيران ودعم الحلفاء الإقليميين في مواجهة تهديدات طهران. هذا التوجه يعكس رغبة ترامب في تقليص التورط العسكري المباشر في الشرق الأوسط، مع الإبقاء على التأثير الأميركي عبر وسائل أخرى.
المصدر .. الصباح