المسرى.. تقرير.. فؤاد عبد الله
تداعيات الكتلة الأكبر في البرلمان وشكل الحكومة القادمة ومشاركة جزء من المكون في العملية السياسية ألقت بظلالها ليس على التفاهمات والحوارات والتوافق فقط، وإنما داخل المكون وبين الأشقاء في الدم والمذهب وفي مقارعة الظلم والإصلاح.
غليان ميسان
وخير دليل على ذلك ما يحصل في ميسان، حيث التصعيد السياسي وصل إلى حالة من الغليان في المحافظة بعد موجة اغتيالات طالت قاضيا وضابطا، ما أثارت ردود فعل واسعة في المحافظة، وصلت إلى إقالة ضباط وقيادات أمنية، زيارة سريعة وعاجلة لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى ميسان واجتماعه بالقيادات الأمنية والشخصيات والتوجيه بتشكيل قيادة عمليات الجيش في ميسان، بالإضافة إلى دعوات السياسيين بالتهدئة وضبط النفس، منعاً من وقوع المزيد من الضحايا بسبب الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد.
القدرة على التمرير
وفي هذا السياق يرى منسق شبكة الهدف للتحليل السياسي حسين الكِناني أن ” الانغلاق السياسي بَدا أكثر وضوحاً بعد قرار المحكمة الإتحادية الذي يلزم الاحزاب والكتل والبرلمانيين بأنّ من يمتلك أغلبية الثلثين منهم، يستطيع أن يمرر رئيس الجمهورية، ولكن هذا القرار الولائي شكّـل عجزاً لهم، ماحدا بهم لمقاطعة الجلسة”، مبيناً أن “الكتلة الصدرية كانت تعتقد أن لديها الأغلبية النيابية، وأنها تستطيع مع حلفائها أن تمرر مرشحها الذي طرح من قبل الحزب الديمقراطي، ولكن قرار الإتحادية كان واضحاً أنهم أي التحالف الثلاثي ليس لديه القدرة على جمع العدد المطلوب من النواب داخل قبة البرلمان لتمرير المرشح لذلك قاطعوا الجلسة لعدم تمكنهم من توفير النصاب”.
مخالفات قانونية
ويضيف الكناني لـ( المسرى) أن “مسألة فتح باب الترشيح من قبل رئاسة البرلمان لمنصب رئيس الجمهورية مرة ثانية بعد إغلاقها، مخالفة قانونية غير مبررة، خصوصاً وأنه في حالة عدم وجود توافقات وتفاهمات حول رئاسة الجمهورية مع وجود أكثر من مرشح، لن يكون للكتل السياسية أي قدرة على تمرير أي مرشح من المرشحين للمنصب، وبالتالي لا خيار أمام الكتل والأحزاب سوى التوافق والخروج بمرشح”، موضحاً أن “المنصب من حصة الكورد، لذلك لا بد للاحزاب والكتل السياسية الكوردية أن تتوافق فيما بينها وبالأخص الحزبين الكورديين الإتحاد الوطني والديمقراطي الكوردستاني للخروج بمرشح تسوية، وايضاً على الكتل والأحزاب السياسية الشيعية أن تتوافق فيما بينها وتتفاهم حول الكتلة الأكبر وشكل الحكومة القادمة لتشكيل الأغلبية المريحة داخل البرلمان وإعادة رسم الخارطة السياسية للتحالفات بين الكتل والأحزاب”.
تراكم الخلافات
أما عضو تحالف النصر سلام الزبيدي فيقول لـ( المسرى) إن “العملية السياسية تشهد حالة من الانغلاق والضبابية والتعقيد بسبب نتائج الانتخابات وما ترتبت عليها من وجهات النظر وعدم التوافق ما بين الكتل السياسية، وأيضاً ما حصل في الجلسة الاولى للبرلمان أثناء تسمية هيئة الرئاسة، كلّ هذه الامور ألقت بظلالها على العملية السياسية وشكل التفاهمات والتحالفات لتشكيل الحكومة القادمة وإختيار رئيس الجمهورية، ومن ثم تكليفه الكتلة الاكبر لتشكيل الحكومة”، لافتاً إلى أن “الرجوع إلى الوراء من خلال تحالفات بقصد إستبعاد أو إقصاء جهة معينة وليّ الأذرع والاستقواء، كانت عناوين بارزة في المرحلة السابقة، ما أدى إلى هذا الانسداد السياسي وعدم وجود مشتركات للتفاهمات بين القوى وتحديداً القوى الشيعية وما انعكس بحد ذاته على المدد الدستورية”.
الريادة في التعطيل
وأشار الزبيدي إلى أن ” الكتلة الصدرية بإعتبارها الكتلة الأكبر كانت لها الريادة في تعطيل الجلسة الثانية للبرلمان والمخصصة لاختيار رئيس الجمهورية، لأسباب كثيرة، أهمهما يعود إلى تفسير المحكمة الإتحادية الخاص بعدد النصاب في الجلسة والذي يجب أن يصوتوا على اختيار رئيس الجمهورية، وكذلك الإصرار على اختيار مرشح لرئاسة الجمهورية الذي عليه الكثير من علامات الاستفهام والتحفظات من القوى السياسية ومن الشارع والإعلام، ما حدا بالتيار الصدري ليقاطع الجلسة ويعيد حساباته”، منوهاً أن “المرحلة القادمة ستفرز خارطة تحالفات جديدة، رغم غلق التيار الصدري وبعض الكتل الأخرى باب الإئتلافات والمباحثات والمفاوضات، لحين تكوين رؤى جديدة وعلى ضوءها تبنى تحالفات أخرى جديدة، وعليها يتم الاتفاق على رئيس الجمهورية ما بين الحزبين الكورديين، ومن ثم الاتفاق على رئيس الوزراء وشكل الحكومة القادمة، وتقريب وجهات النظر داخل البيت الشيعي وتحديداً بين الكتلة الصدرية والإطار التنسيقي للوصول إلى صيغ ومشتركات بينهما لبناء مشروع وطني سياسي حقيقي يحقق معادلة سياسية جديدة”.
بداية غير موفقة
فبعد أن فشل البرلمان في عقد جلسة أولى دون مشاكل ومقاطعات، ودعاوى قضائية، عاد مسلسل الطعون والدعاوى القضائية مرة ثانية إلى الواجهة، بعد أن قاطع أغلب الكتل النيابية الجلسة الثانية للبرلمان والمخصصة لاختيار رئيس الجمهورية، وإعلان هيئة رئاسة البرلمان العراقي فتح باب الترشيح من جديد ولمدة ثلاثة أيام والذي لاقى جدلاً وخلافاً بين النخبة القانونية وبين مؤيّد ورافض.