الكاتب.. خالد العرداوي
في مطلع شهر تشرين الأول المقبل سيكون العراق على موعد مع استحقاق انتخابي اتحادي جديد يتمثل في انتخاب برلمان جديد للبلاد، وغالبا ما تكون السنوات الانتخابية مشحونة بالصراع بين الفرقاء السياسيين في كل دول العالم، ولكنها أكثر سخونة في العراق؛ بسبب حداثة تجربته الديمقراطية وشدة التقاطع في المصالح بين قواه السياسية، فضلا عن وجود دول خارجية لها مصالح معينة تدفعها للتدخل في الشأن الداخلي العراقي.. وما يقلق في الانتخابات الجديدة أيضا طبيعة الظروف الخارجية والداخلية الضاغطة التي تجري فيها، مثل: تطورات حرب غزة، والصراع الأمريكي- الإيراني، ومخاوف القوى السياسية التقليدية والجديدة، فضلا على احتمال مشاركة التيار الصدري، ما يجعل الصراع الانتخابي على أشده بين من يريد إبقاء التوازنات السياسية الحالية كما هي، وبين من يريد تغييرها.
الاقتصاد العراقي اقتصاد ريعي يعتمد على واردات النفط، ولم تثمر جهود الحكومات المتعاقبة حتى الان عن انطلاق استراتيجية ناجحة للتنمية الشاملة، فما زالت محفظة الغالبية العظمى من العراقيين معتمدة على الرواتب الحكومية، حتى وصل الأمر إلى أن معظم إيرادات النفط تذهب إلى النفقات التشغيلية للموازنة على حساب نفقاتها الرأسمالية. ومع وجود أعداد هائلة من البطالة المتعلمة وغير المتعلمة ووجود عجز حكومي عن توظيف المزيد، فان اتساع حجم البطالة ينذر بالكثير من المشكلات للحكومة خلال هذه السنة والسنوات المقبلة، في ظل الظروف الحالية لأسعار النفط، اما اذا واجه الاقتصاد العراقي صدمة ما بسبب انخفاض أسعار النفط العالمية أو بسبب إجراءات وزارة الخزانة الامريكية المتوقعة في عهد ترامب، فإن مشكلات الحكومة لن تقتصر على العاطلين عن العمل، وانما ستشمل أيضا ملايين الموظفين والمتقاعدين.
جعلت الحكومة الحالية الخدمات في قمة أولوياتها وهذا ما أعلنته في برنامجها الرسمي، بل واطلقت على نفسها حكومة الخدمات، إلا أنها – للأسف- ورثت تركة ثقيلة من الخدمات العامة المحدودة؛ نتيجة الفساد والهدر في المال العام وسوء التخطيط والتنفيذ. ولذا معظم ما تقوم به الحكومة من برامج ومشاريع لن تجني ثمارها بنفسها وانما ستجنيه الحكومات اللاحقة، ولهذا ستبقى مشكلة العراقيين مع ضعف الخدمات المقدمة لهم قائمة خلال عمر هذه الحكومة، ولاسيما مشكلتهم مع الطاقة الكهربائية، التي اذا بقي مستوى تجهيزها في الصيف القادم بمثل تجهيزها خلال هذا الشتاء، فإنها ستكون منطلقا لاحتجاجات واسعة ستستغل سياسيا لإفشال الحكومة واحراجها لأسباب مختلفة، بل قد تُستغل أيضا لإثارة الفوضى وعرقلة اجراء الانتخابات القادمة في وقتها المحدد.فتح سقوط نظام بشار الأسد سوريا على جميع الاحتمالات، والاحداث في هذا البلد ستُلقي بتبعاتها- إيجابا ام سلبا- على العراق، واذا لم تُحسن السياسة الخارجية العراقية تقييم الوضع السوري الجديد بالتحرك السريع والفاعل لتشكيل تحالف إقليمي ودولي يضبط تطوراته، ومساعدة قيادته الجديدة في اطلاق عملية سياسية شاملة لحفظ وحدة وسيادة واستقلالية سوريا، وحماية حقوق وحريات جميع مواطنيها، ومنع حصول حرب أهلية أو إقامة امارة إسلامية متطرفة، فإن الأرض السورية ستكون منطلقا لمخاطر كبيرة تهدد الامن والاستقرار في العراق خلال هذه السنة والسنوات القادمة. هذه التحديات الخمسة يجب أن تكون ماثلة امام انظار الحكومة والقيادات العراقية خلال سنة 2025، كما عليها التعامل معها بحكمة وسرعة من خلال وضع السياسات والبرامج والحلول المناسبة، فتجاهلها أو تأخير التحرك بشأنها سيكون مكلفا للغاية، وخارج سقف التوقعات.
المصدر : الصباح