الكاتب..حسن الجواد
في خطوة تهدف إلى تحسين أنظمة الدفع ومواكبة التطورات التقنية، اعتمدت الحكومة العراقية صرف الرواتب عبر النظام الرقمي باستخدام بطاقات “ماستر كارد”. هذه الخطوة التي كان يفترض أن تفتح أفقاً جديدا أمام الاقتصاد الرقمي وتحسن تجربة المواطنين، تحولت إلى معاناة حقيقية بسبب استقطاع العمولات المرتفعة من مراكز الصرف. يجد الموظفون أنفسهم مضطرين لتحمل عمولات تصل إلى خمسة آلاف دينار أو أكثر لكل عملية سحب، ما يشكل عبئاً إضافيا على دخلهم الشهري. هذا الاستقطاع الجائر ليس سوى نتيجة غياب التخطيط المسبق لتهيئة البنية التحتية المناسبة لهذا التحول، حيث اعتمدت الحكومة على مراكز الصرف التي تستغل حاجة الموظفين دون توفير البدائل اللازمة.
كان من المفترض أن يترافق هذا التوجه الجديد مع إنشاء شبكة متكاملة من مكائن الصراف الآلي (ATM) تغطي جميع المناطق، بحيث يتمكن الموظفون من سحب رواتبهم بسهولة ودون أي استقطاعات. لكن، الواقع يقول غير ذلك، إذ ظل المواطن وحده من يدفع ثمن هذا التحول الرقمي غير المدروس. هذه العمولات لا يمكن تبريرها، خاصة وأن الهدف الأساسي للتحول الرقمي هو التيسير وتقليل التكلفة، وليس تحميل المواطن تكاليف إضافية لا مبرر لها. في ظل هذا الواقع، يبدو أن الحكومة تجاهلت النقطة الأهم في أي تحول رقمي ناجح، وهي العدالة في توفير الخدمات وتسهيل الوصول إليها دون إرهاق المواطنين ماليًا.
هناك حلول يمكن أن تعيد التوازن لهذا النظام وتقلل من الأعباء على الموظفين. أول هذه الحلول هو نشر مكائن ATM في جميع المناطق، ما سيوفر طريقة مباشرة وسهلة للحصول على الرواتب دون أي استقطاعات. ثانيًا، يجب على الحكومة أن تلزم الجهات المصرفية بتحمل العمولات بدلاً من المواطنين أو تخفيضها بشكل كبير. كما يمكن إطلاق حملات توعية لتعريف المواطنين بكيفية استخدام النظام الرقمي وتحديد مراكز الصرف المجانية إن وجدت.
نجاح أي نظام يعتمد على مدى تأثيره الإيجابي في حياة المواطنين، وليس في مجرد إطلاقه. إن الاستمرار في تحميل المواطن تبعات القرارات الحكومية أمر غير مقبول ويهدد ثقة المواطنين بالنظام بأكمله. الراتب الرقمي يجب أن يكون وسيلة راحة وليس عبئا جديدا، وعلى الجهات المسؤولة أن تتحمل مسؤوليتها في تصحيح هذه الأخطاء لضمان تحقيق العدالة الاجتماعية وضمان نجاح التحول الرقمي بما يخدم الجميع.
المصدر : طريق الشعب