أ.م.د. ژینۆ عبدالله- جامعة السليمانية
قبل أكثر من 26 عامًا، كنت طالبًا في قسم اللغة العربية بجامعة السليمانية. كان هناك شيء مشترك بيننا جميعًا، مهما اختلفت قصصنا وأحلامنا الموسيقى في شتاء تلك الأيام، حيث كانت الرياح تعصف والأمطار تتساقط بغزارة، كانت هناك أغنيات تملأ فراغ اللحظات، وعلى رأسها ألبوم “حبيبتي والمطر” لكاظم الساهر. هذا الألبوم لا يزال حاضرًا في ذاكرتنا كواحد من أروع الأعمال الفنية التي أسرت قلوبنا في تلك الفترة، ولا تزال أصداؤه تتردد حتى اليوم.
ذكريات الزمن الجميل
كشفت الأبحاث مؤخرًا عن مدى تأثير الموسيقى على استحضار الذكريات، تبين أن الموسيقى غالبًا ما ترافق لحظات حياتية مميزة، فتختزن في أعماق الذاكرة. وعلى الرغم من مرور أكثر من ربع قرن، فإن سماعي لأغاني ألبوم “حبيبتي والمطر” يعيدني إلى تلك الأيام بكل تفاصيلها الدقيقة. لقد أصبحت الموسيقى جسراً يعيدنا إلى لحظات عاطفية عشناها في الماضي، سواء كنا نتبادل الأحاديث في نادي الجامعة، نشرب الشاي على أنغامها، أو نختلي بأنفسنا في ليالي الشتاء الباردة، متأملين المستقبل.
الموسيقى والذاكرة
هناك رابط عجيب يجمع بين الأغاني وذكرياتنا، عندما نستمع إلى أغنية معينة في لحظة محددة، تصبح كلماتها وألحانها جزءًا من تلك الذكرى. هذه العلاقة تفسر كيف يمكن لأغنيات كاظم الساهر التي كانت تُعزف في نادي الجامعة أن تُعيد إلينا مشاعر تلك اللحظات، مثل صوت المطر وهو يقرع النوافذ، وأحاديث الأصدقاء الدافئة، والطمأنينة التي كنا نشعر بها رغم صعوبات الحياة المادية.
قوة الموسيقى
أغاني كاظم الساهر، بما تحمله من تعبير عن الحب والشوق والحزن، كانت بمثابة مرآة تعكس عواطفنا. كانت تمنحنا القوة لمواجهة صعوبات الحياة. في ذلك الوقت، كان كل شريط كاسيت نقتنيه يفتح نافذة جديدة لاستكشاف مشاعرنا وأفكارنا، وكان ألبوم “حبيبتي والمطر” يتفرد بمعانٍ عميقة تعجز الكلمات عن وصفها.
الموسيقى كذاكرة حية
اليوم، وأنا أستمع إلى تلك الأغاني في شتاء هذا العام، أشعر وكأنني أعيش تلك اللحظات من جديد. رغم مرور أكثر من 26 عامًا، ما زالت الموسيقى تحملني إلى عالم آخر، حيث يجتمع الأصدقاء حول طاولة صغيرة في نادي الجامعة، نتشارك الألحان والشاي الساخن، وحيث يبدو كل شيء أكثر بساطة وجمالاً.
في كل مرة أستمع فيها إلى “حبيبتي والمطر”، أكتشف مجددًا أن الفن خالد، وأن الذكريات التي نصنعها اليوم ستظل جزءًا منا، تعود إلينا حين نحتاجها لتذكيرنا بأن الحياة مليئة باللحظات الجميلة التي تستحق أن تُعاش.