بشير علي ــ المسرى
بعد توقف دام لسنتين، عادت صادرات النفط من إقليم كردستان عبر ميناء جيهان التركي إلى النشاط مجددًا، وذلك بفضل الاتفاق الأخير الذي تم بين الحكومة العراقية وإقليم كردستان. في خطوة تعد مهمة بالنسبة لقطاع الطاقة في العراق، يتم نقل النفط عبر أنابيب من حقول كردستان إلى ميناء جيهان التركي المطل على البحر الأبيض المتوسط، ليتم تصديره إلى الأسواق العالمية.
العودة إلى ضخ النفط عبر هذا المسار جاءت بعد تسوية الخلافات الطويلة بين حكومة بغداد وحكومة الإقليم بشأن حصة كردستان من الإيرادات النفطية وآلية تصدير النفط، هذا الاتفاق يعكس رغبة الحكومة العراقية في استعادة السيطرة على صادرات النفط وتحقيق المزيد من التنسيق بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان.
تفاصيل الاتفاق
تتمثل أبرز بنود الاتفاق في أن شركة “سومو” العراقية، وهي الجهة الحكومية المكلفة بإدارة صادرات النفط العراقية، ستتولى الآن المسؤولية عن تصدير النفط عبر ميناء جيهان التركي، هذا التطور يشكل تحولًا رئيسيًا في إدارة صادرات النفط من إقليم كردستان، التي كانت تتم في السابق من خلال شركات خاصة تابعة للإقليم.
الاتفاق يتضمن أيضًا تنظيم توزيع العوائد المالية الناتجة عن تصدير النفط بشكل يتماشى مع الموازنة الاتحادية للعراق، بحيث يتم تحويل إيرادات النفط إلى خزينة الدولة، مما يعزز من قدرة الحكومة العراقية على تحسين وضعها المالي.
أهمية القرار
تعد هذه الخطوة هامة ليس فقط لتعزيز التعاون بين بغداد وأربيل، بل أيضًا في معالجة أزمة الرواتب التي كان يعاني منها إقليم كردستان في السنوات الماضية. فقد كانت هناك خلافات مستمرة بين حكومة الإقليم وبغداد حول حصة الإقليم من الإيرادات النفطية، ما أدى إلى تأخير دفع رواتب الموظفين في الإقليم لأشهر طويلة.
من خلال استئناف تصدير النفط بشكل موحد، ستتمكن حكومة إقليم كردستان من الحصول على مستحقاتها المالية بشكل منتظم، ما يساهم في حل أزمة الرواتب المتفاقمة. هذا الأمر سيعزز استقرار الوضع المالي في الإقليم، ويسهم في تحسين وضع الموظفين الذين يعانون من تأخير مستمر في صرف رواتبهم.
تأثير الاتفاق على الاقتصاد العراقي
من المتوقع أن يساهم استئناف صادرات النفط في تعزيز الاقتصاد العراقي في الفترة القادمة. العراق يعتمد بشكل كبير على الإيرادات النفطية في تمويل موازنته السنوية، وبالتالي فإن استعادة صادرات النفط من كردستان يعد بمثابة إضافة مهمة للإيرادات النفطية.
كذلك، فإن تصدير النفط عبر ميناء جيهان، الذي يعد من أبرز موانئ تصدير النفط في العالم، سيساهم في زيادة وصول النفط العراقي إلى الأسواق العالمية، مما سيحسن من مكانة العراق كمصدر رئيسي للنفط في منطقة الشرق الأوسط.
حل أزمة الرواتب بين الإقليم والمركز
أحد الجوانب الأكثر أهمية لهذه الخطوة هو دورها في حل أزمة الرواتب بين حكومة إقليم كردستان والمركز. في السنوات الأخيرة، عانت الحكومة المحلية في كردستان من عجز مالي كبير بسبب توقف صادرات النفط، مما أثر سلبًا على قدرة الإقليم على دفع رواتب موظفيه. ومع استئناف تصدير النفط تحت إشراف شركة “سومو” العراقية، ستتمكن الحكومة العراقية من تحقيق توازن أكبر في توزيع العوائد، وبالتالي ضمان تدفق الرواتب بانتظام في إقليم كردستان.
كما أن هذا الاتفاق يعكس حرص الطرفين على معالجة إحدى القضايا الأكثر حساسية التي كانت تؤثر على العلاقة بين بغداد وأربيل، ويشكل خطوة مهمة نحو تحقيق الاستقرار المالي والاجتماعي في الإقليم، ما ينعكس إيجابًا على حياة المواطنين هناك.
تحديات مستقبلية
رغم هذه الخطوة الإيجابية، لا يزال هناك العديد من التحديات التي تواجه تنفيذ الاتفاق بشكل كامل. من أبرز هذه التحديات الحفاظ على استقرار الأوضاع السياسية بين حكومة بغداد وحكومة الإقليم، وكذلك تسوية النزاعات المالية المتعلقة بحصة إقليم كردستان من الإيرادات النفطية.كما أن هناك حاجة إلى ضمان استمرار تدفق النفط بشكل منتظم دون أية عراقيل قد تعيق هذا المسار الحيوي.