بسم الله الرحمن الرحيم ( مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ) .
أيها الحضور الكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نقف اليوم هنا لنستذكر معا ذكرى رحيل أحد القادة الأبرار وسليل الأسرة العلوية المباركة سماحة السيد عبدالعزيز الحكيم القائد الشيعي الثائر الذي نذر حياته في سبيل خلاص الشعب العراقي من حكم الظلم والاستبداد سائرا على نهج أسلافه العظماء الذين سبقوه في محاربة الظلم والطغيان .
هو ذلك الرجل الذي عاهد الله على العمل النضالي من أجل نصرة المظلومين والمستضعفين واحقاق الحق والعدل وتحرير الشعب العراقي بمختلف مكوناته من حكم النظام البعثي الفاسد .
انه السيد عبدالعزيز الحكيم نجل آية الله العظمى والمرجع الاسلامي الشيعي الأعلى سماحة السيد محسن الطباطبائي الحكيم الذي وقف بكل شجاعة وبسالة أمام الطغاة حينما أرادوا القضاء على الشعب الكردي فأصدر تلك الفتوى التي سجلها التاريخ بتحريمه قتال الشعب الكردي تحريما تاما مما كان لها صدى طيبا في قلوب جماهير شعبنا إلى يومنا هذا .
لقد قاوم هذا المرجع الكبير كل أشكال التعصب والتمييز الطائفي والعرقي في العراق داعما وداعيا إلى نصرة المستضعفين والوقوف إلى جانبهم ضد الاستبداد والطغيان .
وكان سماحة السيد عبدالعزيز الحكيم رحمه الله أحد أبرز القادة المعارضين للنظام البعثي شارك شقيقه الأكبر شهيد المحراب سماحة السيد محمد باقر الحكيم القائد المؤسس للمجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق والذي كان من أهم أطراف المعارضة العراقية في سنوات نضالها ضد النظام الدكتاتوري وكان لهذا المجلس الموقر دورا كبيرا في ترتيب البيت الشيعي وتوحيد صفوف المعارضة العراقية من أجل تصعيد النضال ضد النظام البعثي وتحرير الشعب العراقي ، وكان استشهاد سماحة السيد محمد باقر الحكيم في ضريح الأمام علي عليه السلام هو التضحية الكبرى التي شرفت هذه العائلة الكريمة فأصبح بذلك واحدا من الشهداء والصديقين الذين قال عنهم سبحانه وتعالى ( وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا ) . ويا لها من مكرمة إلهية أن يكون سماحته رفيقا لسيد الشهداء الإمام الأعظم الحسين بن علي شهيد الحق والعدل .
لم تكن تضحيات هذه العائلة الكريمة تقتصر على النضال في سبيل قضية الشعب العراقي المظلوم ، بل كانت لها إسهامات انسانية كبرى من خلال ” مؤسسة الشهيد الصدر ” التي قدمت الكثير من المشاريع الصحية والاغاثية للمتضررين من نظام البعث السابق ، كما كان للمركز الوثائقي لحقوق الانسان في العراق الدور الأكبر في تعريف مظلومية الشعب العراقي وما عانوه من الاستبداد والقمع على يد أزلام النظام البائد ، ولا ننسى أن نشير أيضا إلى مساهماتها الثقافية من خلال تأسيس دار الحكمة التي تقوم منذ سنوات بتخريج طلبة العلوم الدينية إلى جانب اصدار الكتب الثقافية والدورات التأهيلية وكذلك مركز دراسات تاريخ العراق ، وهذه كلها مؤسسات تربوية وثقافية تسهم في انهاض العراق وخدمة جموع المسلمين .
لقد كان السيد عبد العزيز الحكيم هو خير خلف لخير سلف حين قاد المجلس الاسلامي الأعلى وواصل درب أخيه الشهيد وأسلافه العظام في استكمال مسيرة البناء والنهضة في العراق من خلال شغله للعديد من المناصب العليا سواء بمقعده في مجالس الحكم الانتقالي أو من خلال مقعده في مجلس النواب العراقي ورئاسته للائتلاف الوطني العراقي ، وكان له دورا فاعلا ومؤثرا في تكريس النظام الاتحادي الفدرالي في العراق والذي كان ولا يزال يشكل الخيمة التي يجتمع تحتها جميع القوى والمكونات العراقية الساعية نحو اعادة بناء العراق .
كانت هذه العائلة الكريمة من أقرب المقربين إلى الشعب الكردي فمنذ مؤسسها سماحة المرجع الأعلى السيد محسن الحكيم مازال أبناؤه وأحفاده يقفون إلى جانب نصرة القضية الكردية ودعم حقوق الشعب الكردي ، وكان الشهيد محمد باقر والسيد عبدالعزيز الحكيم من رفاق نضال الزعيم الراحل مام جلال ومن أقرب المقربين إليه ، شاركهم سنوات النضال الطويلة سواء في جبال كردستان والخارج أو خلال مرحلة التحرير وبناء العراق الجديد ، وكانا خير معين له في الحصول على الحقوق الدستورية للشعب الكردي ، وهذا ما تركوه للجيل الثالث متمثلا بسماحة السيد عمار الحكيم الصديق الصدوق للكرد والذي سار على درب والده وعمه وجده في نصرة الحقوق القومية للشعب الكردي .
ونحن نستذكر كل هذه المواقف النبيلة من أسرة الحكيم العظيمة نقف بإجلال واكبار أمام تضحياتها وعطاءاتها السخية من أجل تحقيق الديمقراطية في العراق ونتطلع إلى دور سماحة السيد عمار الحكيم ليستكمل ما بدأ به من سبقوه من أجل نصرة الحق والعدل وأن يكون سماحته خير معين لنا نحن القوى الكردية من أجل تحقيق حقوقنا القومية المشروعة لنسهم معا في بناء الأسس القوية للديمقراطية في بلدنا وتحقيق غد أفضل لأبناء العراق بمختلف مكوناته القومية والعرقية والدينية . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
سعدی احمد پیرە
عضو المكتب السياسي
الاتحاد الوطني الكردستاني