سعاد ملا سعيد ــ مشرفة تربوية-شارباژیر
تعتبر حقوق المرأة من القضايا الحيوية التي تشغل المجتمعات الإنسانية، حيث تتداخل فيها الجوانب الاجتماعية، الثقافية، والدينية. وفي سياق الاحتفال باليوم العالمي للمرأة في 8 مارس، تتجلى الحاجة الملحة لإعادة النظر في وضع المرأة، خصوصاً في المجتمعات التي تعاني من العنف والتعدد الزوجات والتمييز الجندري.
العنف ضد المرأة
يعتبر العنف ضد المرأة من أبرز الانتهاكات لحقوق الإنسان. يتخذ هذا العنف أشكالاً متعددة، بدءًا من العنف الجسدي والنفسي وصولاً إلى العنف الجنسي. تشير التقديرات إلى أن واحدة من كل ثلاث نساء حول العالم تتعرض للعنف في حياتها. هذا العنف لا يؤثر فقط على النساء، بل يمتد تأثيره ليشمل الأسرة والمجتمع بشكل عام.
تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى العنف ضد المرأة، منها التقاليد الثقافية، والفهم الخاطئ للدين، والضغوط الاقتصادية والاجتماعية. ومن هنا تبرز أهمية التوعية والتثقيف كسبيل لمكافحة هذه الظاهرة. يجب أن يكون هناك تغيير في المفاهيم السائدة حول دور المرأة في المجتمع، وتعزيز القيم التي تضمن احترام حقوقها.
التعدد الزوجات
يعد التعدد الزوجات من القضايا الشائكة التي تثير جدلاً واسعاً في المجتمعات الإسلامية. بينما يتيح الدين الإسلامي للرجل الزواج بأكثر من امرأة، إلا أن هناك ظروفاً وشروطاً يجب أن تتوفر مثل القدرة على العدل بين الزوجات. ومع ذلك، فإن التطبيق العملي لهذا الحق غالباً ما يتجاهل الشروط الشرعية ويؤدي إلى ظواهر سلبية.
تتسبب ظاهرة التعدد الزوجات في تفاقم مشكلات اجتماعية ونفسية عديدة، منها فقدان الاستقرار الأسري وزيادة نسب الطلاق. كما تعاني النساء المتزوجات من تعدد الأزواج من التهميش وفقدان الهوية، حيث يُنظر إليهن على أنهن مجرد أدوات لتلبية احتياجات الرجل. لذلك، يجب أن يتم تناول هذه القضية بحذر وشفافية، مع التركيز على حقوق المرأة ورفاهيتها.
فرض الرجل على المرأة
تنعكس العلاقات الاجتماعية في المجتمعات التقليدية بشكلٍ كبير على حقوق المرأة. حيث يُفترض أن تكون المرأة خاضعة للرجل، مما يؤدي إلى فقدان استقلاليتها وحرمانها من حقوقها الأساسية. يُنظر إلى المرأة في كثير من الأحيان على أنها تابعة للرجل، مما يعزز من ثقافة الإقصاء والتمييز.
لذا، يتطلب الأمر تغييراً جذرياً في النظرة المجتمعية تجاه دور المرأة. يجب تعزيز قيمة المساواة بين الجنسين في التعليم والعمل والمشاركة السياسية. كما يجب أن تساهم المؤسسات التعليمية والدينية في نشر الوعي حول حقوق المرأة وضرورة احترامها.
السياسات والقوانين
تعتبر السياسات والقوانين جزءاً أساسياً من حماية حقوق المرأة. يجب أن تتبنى الحكومات تشريعات تحمي النساء من العنف، وتضمن حقوقهن في الزواج والطلاق والميراث. ولكن، على الرغم من وجود بعض القوانين، إلا أن التطبيق العملي لها غالباً ما يكون ضعيفاً.
ينبغي أن تتعاون الحكومات مع المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني لتعزيز حقوق المرأة وتقديم الدعم اللازم لها. كما يجب أن تكون هناك برامج توعية تهدف إلى تغيير السلوكيات المجتمعية السلبية تجاه المرأة وتعزيز مكانتها في المجتمع.
في الختام اود ان اقول،إن حقوق المرأة ليست قضية ثانوية، بل هي قضية إنسانية تتطلب التزاماً جماعياً من جميع أفراد المجتمع. يتعين علينا جميعاً العمل من أجل تحقيق المساواة بين الجنسين، ومحاربة العنف والتمييز، وتعزيز حقوق المرأة كحق أساسي من حقوق الإنسان. في هذا اليوم العالمي للمرأة، يجب أن نتذكر أن الطريق نحو العدالة والمساواة لا يزال طويلاً، لكن بالعمل المشترك والإرادة القوية، يمكننا تحقيق تغيير حقيقي.