بقلم : عمر الناصر.. كاتب وباحث سياسي
احيانا اقول “ضربتين في الراس توجع” ولكنني ارجع واستدرك لأقول لا يمكن ان يتعلم الانسان مجاناً ، لاننا اليوم وفي هذا العالم المادي اصبح كل شيء له ثمن ، واحيانا اخرى اقول ” كثر الطگ يفك اللحيم” على اعتبار ان التعلم يأتي من تكرار المواقف والتجارب، لتكون انذاك خبرة متراكمة حقيقية في ادارة وحل الازمات ،فكيف اذا ما اصبح العراق لديه تخمة مفرطة واشباع من كمية الضرب المبرح الواقع مابين خرق السيادة من المحيط الاقليمي والحضن العربي ، وبين هدر واستنزاف المليارات من اموال وثروات العراق التي تذهب هنا وهناك دون رقيب او حسيب، بل ان البعض يقول اصبح العراق مطلوب دم وليس فقط اموال.
بإمكاني تشبيهه اموال العراق بالمال السائب لا حارس عليه ، سيطمع به قطعاً القاصي والداني بلاشك في ظل عدم اكتراث على اهميته من القائمين المؤتمنين عليه ، لا يفكروا بقيمته الفعلية والمعنوية أو الاعتبارية، بل لن تجد لديهم شعور الأحساس بالمسؤولية الوطنية والأخلاقية للمحافظة عليه من الهدر والسرقة والفساد، وكأن شعب العراق قد كتب عليه أن لا يكون له نصيب من أمواله التي هي حق للسائل والمحروم وتعادل ميزانيات خمس دول في الشرق الاوسط.
بعد أن تنفس العراق الصعداء واطفئ جميع الديون الكويتية المترتبة عليه جراء السياسات الرعناء والحمقاء ، وخروجه من البند السابع كي تكون له إمكانية لإعادة تعظيم موارد الدولة، جاءت لنا هذه المرة لبنان ذات الوضع الاقتصادي المتردي والفقر المدقع والمثقلة بالديون ، تطالب العراق بقيمة ٩٥٠ مليون دولار كديون قديمة، ولا احد يعرف ماهي تلك الديون ومتى ترتبت ولماذا تم المطالبة بها في هذا الوقت بالتحديد ؟ في ظل صمت حكومي كصمت القبور ، في وقت لم تمر فترة طويلة على ارسال شاحنات النفط اليهم والوقوف معهم في ازمتهم المالية ؟
أمر يضع علامات استفهام كثيرة ليس على لبنان فحسب بل على العراق الذي لم يعد يعرف من هي الدول التي لها ديون في ذمته ، والجميع يحاول النهش من خاصرته ، ولايستبعد ايضاً من وجود بصمة سياسية في ذلك ، اصبح الشارع يردد قد تكون في المرة القادمة ديون مقبلة من الصومال، تطالب بقيمة ” الموز ” الذي انفقته الحكومات العراقية المتعاقبة ولم تدفع ثمنه لحد هذه اللحظة ، أتحدى جميع الموجودين في هرم السلطة أن يعرفوا ويكشفوا حجم تلك الديون التي ترتبت على العراق منذ حرب الخليج ١٩٩١ ولحد عام ٢٠٢٢، واكاد ان اجزم حتى ديوان الرقابة المالية ووزارة المالية لايعرفون كم هي النسبة الكلية في ذمتنا ، ولكن الامر الاهم من هذا كله هل يمتلك العراق ديون على دول العالم لا يعرف حتى الان مصيرها ؟ وكم هي نسبتها ؟ واذا كانت موجودة لماذا لم يتم المطالبة من قبل صناع القرار ؟