الكاتب..صلاح سعيد أمين
مقبلون على ذكرى جديدة لما جرى بحلبجة يوم 16/3/1988 ، بعد 15 عاما من قصف حلبجة بالسلاح الكيمياوي، أي في 2003 سقط النظام البعثي الذي قصف حلبجة بذلك السلاح المحرم بكل المقايس وخصوصا عندما يتعلق الأمر بقتل المدنيين الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ.
والسؤال المطروح هنا هو: هل تعلمنا نحن في العراق بكافة مكوناته من دروس حلبجة؟ أو ماذا تعني حلبجة؟
يجب أن تعلمنا حلبجة الشفافية في التفكير وفي الممارسة، الشفافية في السياسة، في إدارة الدولة وأجهزتها ، في العلاقة بين مكونات البلد المختلفة، وبين الأحزاب والكيانات السياسية وبين الأفراد بكافة انتماءاتهم و تفكيرهم.
طبعا،على القادة في كل الفئات والسياسية منها على وجه خاص أن تنعكس الشفافية فيهم بوضوح دون اي لبس، فبعدئذ تنزل هذه الشفافية ذاتية الى الفئات الآخرى، وبالنتجة ستحل ما لاتحصى من المشاكل والأزمات بسهولة دون أي كر وفر..
ينبغي أن تحسم في أعماقنا كلنا دون أي استثناء، أن التغيير لا يهبط من المريخ، بل يأتي من أنفسنا نحن، ونحن نعيش في قرن 21 ، ولله الحمد نرى التغييرات الكبيرة العميقة في محيطنا ببساطة دون اي تعب،من هو مهاجرا قبل عقود تبوء الآن منصبا كبيرا في الدولة التي هاجر اليها ،فلماذا لا نتجاوز هوياتنا الفرعية ونقبل بهوية “سم ما شئت “نعيش في ظلالها بأمن وأمان، نبني في ظلالها وطننا من جديد على ثقافة تخدم هذه الهوية وترفع مقام الإنسان العراقي الى الدرجة التي تليق به؟ التغيير لا يأتي من الفراغ، بل يأتي من كامل المسؤلية والتوعية، ولذلك على كل النخب، من هنا وهناك، أن تضعوا التغيير في مقدمة اهتماماتهم وأن يمهدوا أذهان الأفراد ومن ثم المجتمع للتغييرالمرجو.
ومن المعيب جدا ، أن تنقسم النخب المختلفة على الهويات الضيقة وأن لاتقوم بالدور الذي عليهم أن يتحملوه من التوعية وتوضيح الغموض ورفع العراقيل أمام ولادة ثقافة جديدة تقوم عليها مقومات حياة جديدة بعيدة عن ما نجم عنه حلبجة.لنسأل أنفسنا،بعد 22 عاما على سقوط النظام الذي قتل الأخضر واليابس بحلبجة، هل “بالفعل” تجاوزنا ثقافة القتل ومحو الآخر المختلف واتجهنا نحو فضاء منفتح مختلف تماما عن الذي انتج حلبجة؟ أريد أن اقول علينا أن نتعلم من حلبجة: إثارة الأسئلة ووضع النقاط على الحروف،لكي لا يطول الوقت دون أي تغيير جذري في حياتنا نحو المرجو، لكي لا يقطعنا الوقت ونحن هم الذين نقطعه، فحينئذ نقول بملء حناجرنا: نحن فائزون.
إذن علينا أن نتعلم من حلبجة، على ألأقل دروس: الشفافية والتغيير والبحث والسؤال.
المصدر .. صحيفة الزمان