محمد شيخ عثمان
لاتزال جرائم الانفال وقصف حلبجة بالاسلحة الكيمياوية، التي ارتكبها النظام البعثي الصدامي البائد، تشكل صنفا مختلفا من جرائم القتل والابادة الجماعية لأنها استهدفت بشراسة المدنيين ونفذت وفق خطة مكتوبة للقضاء على مناطق كردية بأكملها والتي صدمت العالم حينها، ولم تذع عربيا وفيما كانت القوات الايرانية متواجدة بقوة في الفاو وجبهات الوسط والجنوب بعمق الاراضي العراقية الا ان النظام البائد لم يستخدم الاسلحة الكيمياوية بهدف الابادة الجماعية والسيطرة على هذه الجبهات كما فعلها في حلبجة متذرعا وجود افراد من القوات الايرانية .
كانت حلبجة واحدة من المدن التي استهدفت بالقتل والهدم عمدا في جريمة لا يليق بأي انسان يملك في نفسه ذرة رحمة أن يسكت عنها، لكن وللأسف مضت تلك الجرائم بقليل من الحديث عنها في الاعلام العربي ولهذا السبب تحديدا لم تحرك رأيا عاما واستمر الطاغية صدام في جرائمه داخل العراق الى أن جاء الحق ليزهق الباطل، فلا العدالة الالهية ولا قوانين الطبيعة تجيز للطغاة والقتلة والمجرمين الاستمرار على نهجهم البربري والمخزي.
حتى الآن، جرح حلبجة شاهد على الجرح الكردي من عداء او تنصل لحقوقهم المشروعة في كردستان ولن يندمل الا بعد اعتراف العراق الجديد بفداحة هذه الجريمة كجريمة إبادة جماعية وتقديم اعتذار حقيقي، وتعويض ضحايا الانفال وحلبجة من ميزانية الدولة الفيدرالية لتبقى درسا بليغا لكل من يحكم العراق بعد الآن كي يدرك فداحة التحدي ومعاداة الحقوق المشروعة للكرد وجميع العراقيين.
إن الاعتراف بالحقوق المشروعة لكردستان التي ثبتت في الدستور العراقي وإزالة جميع آثار التعريب بتنفيذ المادة 140 من الدستور بجرأة وأمانة وشجاعة، وتقدير العامل الكردي في قضايا وأزمات العراق كجزء من الحل وليس طرفا في المشكلة اضافة الى استكمال اجراءات تحويل حلبجة الى المحافظة الـ(19) للعراق الجديد، كل ذلك من شأنه أن يدفع الكرد والعالم الحر للاطمئنان بأن هذا الجرح بدأ يندمل وان الالم يتحول الى الامل مع تقديم كل الجهد النبيل من اجل ارساء دعائم محافظة قديرة تستحق معاناة ضحاياها ومواطنيها وليبقى أمام الدولة العراقية مهمة العمل الجدي مع الأسرة الدولية لتبني يوم قصف مدينة حلبجة بالأسلحةِ الكيمياوية كيومٍ عالمي لمناهضة جرائم الإبادة الجماعية، اضافة الى نيل اعتراف المجتمع الدولي بتعريف جرائم الانفال وقصف حلبجة كجريمة ابادة جماعية.
وعلى الصعيد الكردستاني فان اندمال الجرج يتطلب تعزيز وحدة الصف والمصير وارساء دعائم الحكم الرشيد والشراكة الحقيقية في الحكم والقرار لاطراف الحكومة وتحسين الوضع المعيشي والخدمات،مع توحيد الموقف والخطاب ازاء التعامل الدستوري والقانوني بين بغداد واقليم كردستان.