تعد آثار مدينة نيبور او نفر في محافظة الديوانية أحد أهم وأقدم آثار العراق والعالم والتي ما زالت قيد دراسات بعثات أوروبية مختلفة تحاول فك شفرات اسرارها.
مر على حكم المدينة كل من السومريين والاكديين والبابليين والاشوريين، وصولا للعصر العباسي، وعدها علماء الاثار واحدة من اهم مدن العراق الدينية والثقافية القديمة.
يقع الموقع الاثاري الذي يعود تاريخه الى 7 لاف عام في صحراء نائية من المحافظة وشاهد على حقبة تاريخية مهمة من تاريخ العراق ولم يستغل او يتلقى الاهتمام ليكون قبلة للسياح وموردا اقتصاديا ومكاناً جاذبا لبعثات مختلفة وبالتالي معلما سياحيا مهما يعرِّف العالم بخفايا اثار بلاد الرافدين.
يقول حسام الخفاجي من أهالي المنطقة للمسرى: ان “مدينة نيبور تتضمن القرى التي توجد فيها معالم تاريخية ومراكز للعبادة ومراكز للآلهة من إله النيل وعُرف لاحقا باسم إليل، هو إله سومري قديم، يُعتبر إله الرياح والهواء والأرض والعواصف وزوجته انليل وغيرها من الالهة”.
ودعا الخفاجي الى “الحكومة الاتحادية والمعنيين الى اعتبار منطقة نيبور منطقة اقتصادية وتاريخية والاهتمام بها من اجل توفير فرص عمل للعوائل العاطلة وتكون مركزا او محطة لتشغيل الايدي العاملة”.
من جانبه، اضاف كاظم جاسم وهو ايضا من أهالي المنطقة للمسرى، ان “منطقة نيبور اقتصادية واثارية واعجبت بها وفود العديد من الدول بعد زيارتها اليها ورؤية الاثار الموجودة فيها، مشيرا الى انها منطقة سياحية يزورها السياح من كل مكان ومن الضروري الاهتمام بها حتى يقصدها السياح من كل مكان في العالم ورؤية الاثار الموجودة فيها وايصال رسالتها التاريخية والحضارية الى العالم”.
اما المواطن جاسم محمد، فقد اكد للمسرى، انه “يجب الاهتمام بهذا التراث العريق في مدينة نيبوروحضارتها التي يعود تاريخها الى 7 الاف سنة، مشيرا الى ان كل ملك يتم تنصيبه كان يجب ان يذهب الى مدينة نيبور “.
وبين، ان “حضارة مدينة نيبور هي اقدم حضارة في العالم ويجب الاهتمام بها وجعلها مصدرا لاقتصاد البلد من خلال زيارة السياح اليها، مضيفا ان وفود العديد من الدول زارت المنطقة للتنقيب عن الاثار، ويجب الاستفادة من المنطقة من خلال انشاء مشاريع تخدم المدينة والبلد بشكل عام من خلال تشغيل العاطلين عن العمل، لان مدينة نيبور هي جوهرة عراقية”.
سالم عبدالله من أهالي المنطقة، يقول للمسرى: انه “يجب جعل مدينة نيبور معلما سياحيا يقصده السياح من كل مكان، مؤكدا ان تاريخ الاثار في المنطقة يعود الى سبعة الاف سنة ولا يوجد اي اهتمام بها من قبل الحكومة والجهات المعنية، بخلاف المواقع الاثرية في دول اخرى مثل مصر التي اصبحت قبلة للسياح من كل بلاد العالم”.
بدأ التنقيب في المدينة في عام 1851م، ثم أرسلت جامعة بنسلفانيا الأمريكية بعثة للتنقيب في نفر، فقد استخرج ما يقارب 17000 رقيم مسماري.
واثبتت علماء الآثار ان نيبّور سُكنت منذ الألف السادس قبل الميلاد إلى نحو 800م، أي إنها استمرت قائمة لما يقارب من ستة آلاف عام، فقد أثبتت المجسات العميقة والكسر الفخارية المتناثرة أن هذا الموقع كان موجوداً في دور العبيد.
ومن أوائل الألف الرابع قبل الميلاد اكتشف فخار أوروك وآثار جمدة نصر في الجزء الغربي من الموقع. في الألف الثالث قبل الميلاد امتدت أرجاء المدينة على كلا جانبي القناة الرئيسة التي تتوسط الموقع. ووصلت نيبّور إلى أقصى اتساع لها في عصر سلالة أور الثالثة (2112 -2004ق.م) حيث بلغت مساحتها 135هكتاراً، حينذاك توسعت الأحياء السكنية باتجاه الجنوب وعززت أسوار المدينة.
حلّت أقوام عديدة للسكن في المدينة والمناطق القريبة منها في القرن السادس قبل الميلاد منهم البابليين والآراميين، وايضا والليديون والفريجيون القادمون من غربي بلاد الأناضول وشرقيها، كما وجد إغريق وفلسطينيون من غزة ومجموعات من أهالي صور، وأصبح بالإمكان إحصاء تسع وثمانين مستوطنه تطل على ستين قناة محيطة بنيبّور آنذاك.
استمرت هذه المدينة مزدهرة في العصور الساسانية والإسلامية المبكرة (242-750م) وتطورت كثيراً في العصر العباسي الأول، حينما كانت بغداد عاصمة للدولة. وفي العصر العثماني لم تكن هناك سوى قرى متناثرة فوق سطح موقع نفر.
تتميز مدينة نيبّور بمعابدها، وأهم هذه المعابد هو الخاص بالإله إنليل، وموضعه في الجهة الشمالية -الشرقية من المدينة، وعلى مقربة منه تقوم زقورة المدينة. وإلى جنوب غربي الزقورة يوجد معبد الإلهة إنانّا الذي تم النزول فيه إلى عمق ستين قدماً تقريباً، حيث اكتشفت طبقاته المتتابعة التي وصل عددها إلى خمس وعشرين، تبتدئ بطبقة العصر الفرثي في حدود القرن الأول الميلادي.
ومن بين الرقم الطينية المكتشفة في نيبّور رقيم يحمل نصاً أدرجت فيه أسماء اثنين وعشرين معبداً كانت موجودة في المدينة في العصر الكاشي حينما دون ذلك النص، مما يدل على أهميتها الدينية – الثقافية.
ووصل عدد الألواح الكتابية المكتشفة إلى ما يقرب من ثلاثين ألفاً دوِن أكثرها باللغة السومرية، ومن بينها 2100 نص أدبي، وهذا يعني أن معظم النصوص السومرية جاءت من مدينة نيبّور.
والنصوص الأكادية المكتشفة فكانت تشمل المعاجم ومجاميع نصوص الفأل والنصوص الطبية والفلكية. وقد اكتشفت أغلبية الرقم الكتابية في البيوت السكنية التي كشف عنها فيما عرف بـ (حي الكتبة) في جنوب شرقي الموقع. ومن المكتشفات المهمة لوح طيني يعود تاريخه إلى منتصف الألف الثاني قبل الميلاد يحمل خريطة لمدينة نيبّور وقد دونت عليها بالخط المسماري أسماء الأبنية المهمة والقنوات والبوابات، وقد كشفت التنقيبات الأثرية عن صحة المعلومات التي تقدمها هذه الخريطة التي يمكن عدها أقدم خريطة لمدينة في التأريخ.