د. أمير حسين
اقترح بوتين كحل لإنهاء الحرب، مع أوكرانيا، أن توضع أوكرانيا، تحت سلطة مؤقتة للأمم المتحدة، وإبعاد القيادة السياسية الحالية، خاصة زيلينسكي، لأنها فقدت شرعيتها. وإجراء انتخابات جديدة، تحت إشراف الأمم المتحدة، تنتج عنها سلطة شرعية، تُوقّع معها اتفاقًا لإنهاء الحرب، يرى بوتين أن زيلينسكي ديكتاتور، فرض نفسه على قرارات الحرب والسلام، (إنتهت ولايته الدستورية في 20/3/2024)، لكن الدستور الأوكراني، يمنع إجراء انتخابات، أثناء ظروف الحرب، بداعي عدم توفر ظروف مناسبة، لعملية ديمقراطية سليمة حتى المعارضة الأوكرانية تعتقد، أن الدخول في انتخابات الآن، مخاطرة بمصير البلاد .
جاءت تصريحات بوتين، بعد أن وصفه ترامب أيضا بالديكتاتور، لإرغام زيلينسكي ، على توقيع إتفاقية المعادن، لكن هل زيلينسكي ديكتاتور، حقًا؟ أم أن بوتين، يخشى جارًا ديمقراطيًا على الطريقة الغربية، مثل أوكرانيا، أكثرمن خوفه من ديكتاتور، كـ (لوكاشينكو) (الرئيس البيلاروسي الذي انتخب لولاية سابعة هذا العام بعد 30 عامًا في السلطة)؟ وهل بقاء بوتين في الكرملين، حتى 2036، بعد تعديل الدستورالروسي عام 2020 لهذا الغرض، هو نموذج للديكتاتورية اللطيفة ، أم للديمقراطية القبيحة ؟ بلغة أخرى: هل أصبح بوتين (العراب للديمقراطية) بدلا من أوروبا؟
مقترح بوتين، ليس سوى تصعيد للمطالب، إلى مستوى غير مسبوق. فمنذ بدء العمليات العسكرية، على أوكرانيا، لم يظهر الروس أبدًا موقفاً أكثر قوة، مثل اليوم، سواء في الميدان العسكري، أوعلى طاولة المفاوضات. بوتين يفتخر بالقول: ” الأوراق الاستراتيجية والمبادرة العسكرية، على طول خطوط الجبهة بيدنا نحن” .
رغم أن طلب بوتين، رُفض فورًا من البيت الأبيض، حيث أكد المتحدثة، أن شرعية السلطة، في أوكرانيا، تأتي من الشعب والدستور الأوكراني ، لا من قرار خارجي،كما شدد الأمين العام للأمم المتحدة (أنطونيو غوتيريش) على أن السلطة في أوكرانيا، شرعيتها من الشعب. حتى ترامب، في مقابلة مع (NBC) قال: أنا غاضب من بوتين، وهدد بفرض رسوم على النفط ، والطاقة الروسية بنسبة 25% إلى 50% ، إذا لم يسعَ جاهداً للسلام. لكن ترامب يعود دائمًا للحديث، عن ثقته الشخصية ببوتين، قائلًا: أنا أثق ببوتين، وهذا أفضل ضمان! . ربما مصدر هذه الثقة، تأتي من الصلوات التي أدّاها بوتين في كنيسة موسكو الأرثوذكسية، رافعًا يديه للسماء، لسلامة ترامب ، بعد محاولة اغتياله أثناء الحملة الانتخابية.
هذه المواقف، تثير مخاوف الأوكرانيين والأوروبيين، فعملية السلام، كما في 2014، قد تكون، مجرد هدنة لإعادة التنظيم، لا لحلّ جذري، مما يترك الباب مفتوحًا، لإندلاع الحرب مجددًا في المستقبل.
الآن تتضح المؤشرات أكثر: الولايات المتحدة، تعد كل قوتها، للضغط على الصين وإيران، سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا، خلال زيارته الأخيرة، إلى غرينلاند، قال جي دي فانس (نائب ترامب) ، إن هذه الجزر حيوية لأمن أمريكا والعالم، حتى أن ترامب صرح : إذا وصل الأمر، سوف نأخذها بالقوة . هذه التصريحات ، تُعتبراستعدادًا، لصراع استراتيجي جديد. كما أن التهديدات باستخدام القوة، العسكرية ضد إيران، تأتي في نفس الإطار.
في الأسبوع الماضي، تحالف (الراغبون ) المكون لأكثر من 30 دولة أوروبية، أعلن في باريس دعمه الكامل،لأوكرانيا عسكريًا، بما في ذلك إرسال قوات ، وتوفيرأسلحة وتمويل، في المقابل، قال لافروف: أوروبا تكررأخطاء التاريخ، باستعدادها لمواجهة روسيا، محذرًا من نفس مصيرنابليون وهتلر.
وفي خضم هذا، تستمر الهجمات الجوية الروسية، المكثفة على أوكرانيا، خاصة بالطائرات المسيرة، بينما تُجرى مفاوضات سلام في السعودية. الأوكرانيون يرون هذه المواقف العدائية، كمحاولة لتجنب السلام ، واستمرار الحرب التوسعية.