الكاتب..حمد حسن الساعدي
نظرة العالم بدأت تختلف للعراق خصوصاً بعد اكثر من 20 عاما من الدمار والخراب، الذي ضرب الدولة العراقية، وبعد الحروب التي أعادته إلى عصر الحجارة، وبعد كل هذه السنوات الصورة بدأت تظهر أكثر إشراقا عن السابق، فمن بلد تسيطر على شوارعه الصبات الكونكريتية إلى الارتال العسكرية والمفخخات، إلى الشوارع المزدحمة بالسيارات الحديثة والفارهة والمطاعم والمولات، والتي أعطت صورة واضحة عن صمود الشعب العراقي وقدرته على تجاوز المحن والصعاب،
إذ استطاع العراقيون أن يقطعوا شوطاً كبيرا جدا منذ سقوط نظام صدام،وبالرغم من الحروب الارهابية، التي فرضت عليه بعد عام 2003 من القاعدة إلى عصابات داعش الارهابية، إلا أن العراق استطاع إثبات وجوده، وتمكن من بناء ديمقراطيته بنفسه دون الحاجة إلى أحد إلى الانتخابات الحرة، التي بالرغم من تباين المشاركة فيها إلا أنها مصداق مهم ورئيس على أن الشعب العراقي أصبح يمتلك القدرة والقوة على اتخاذ القرار ورقما صعباً في أي معادلة سياسية . الاقتصاد العراقي هو الآخر بدأ ينهض وينتعش من جديد، من خلال المشاريع الاستثمارية المهمة إلى جانب عودة العراق إلى صدارة ملف تصدير الحبوب، إذ يصدر الفائض من الحنطة والشعير وغيرها من المنتجات الزراعية، التي تدخل في السلة الغذائية العراقية، وهناك جهود مهمة تبذل من قبل حكومة السيد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في الترويج للمشاريع الاقتصادية، ومن ضمنها طريق التنمية الاقتصادي، والذي سيجعل من العراق قبلة العالم وطريق الاستقلال والاستقرار السياسي والاقتصادي، إذ تقدر نسبة المدخلات عن هذا الطريق بأكثر من 9 مليارات دولار سنويا، ما يجعل العراق يرسخ وجوده كمركز حيوي للتجارة الدولية، وها هو طريق التنمية الاقتصادية يرى طريقه نحو التنفيذ بعد سنوات من التخطيط والاعداد، وبدأ اليوم بتشكيل هيئة تعنى بمتابعة مراحل إنجازه.
بالرغم من كل هذه الانتقالات المهمة والسريعة في مراحل التطور السياسي والاقتصادي للبلاد، إلا أن العراق ما زال يعاني من عدة مشكلات تؤثر في سرعة التطور وتجعله يسير ببطء نحو الاستقرار الاقتصادي الكامل في الاعتماد على النفط، والتي تعد من أهم المشكلات، التي يعاني منها العراق، والتي ينبغي أن تسعى الحكومة إلى إيجاد بدائل اقتصادية مهمة و الإستغناء عن ثروة النفط وجعلها مصدر دخل ثانويا للعراق، كما هو الحال في النقص الحاصل في انتاج الطاقة الكهربائية إلى ارتفاع معدلات البطالة بالإضافة إلى التدهور البيئي، الذي يعاني منه العراق والذي يحتاج إلى وقفة جادة من قبل الحكومة وتعرقل جهود تقدمه وتطوره بالمقابل استطاعت حكومة السوداني أن تقطع شوطا كبيرا في هذا المجال، ولكن بسبب طبيعة النظام السياسي والذي تأسس على تعقيدات متباينة ما زال يشكل المعرقل بسبب المصالح المتضاربة بين جميع القوى السياسية، والتي ربما تعرقل بنسب متفاوته من عملية الإصلاح التي يهدف لها العراق.العراق خارجيا اصبح طاولة الحوار لكل العالم وخصوصا الأنظمة المتنازعة، فقد استطاع أن يقود المحادثات بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية، وكذلك المباحثات بين واشنطن وطهران، واستضافة العراق لقمة جامعة الدول العربية، والتي من المزمع إقامتها في أيار المقبل، ما يعزز دور العراق كجهة إقليميه حاضنة، بالمقابل بغداد تخشى من الأوضاع في سوريا والتي قد تهدد الاستقرار الداخلي العراقي، ما يمهد لداعش فرصة للظهور وفرض نفوذه على بعض مناطق العراق، خصوصا مع وجود الحواضن التي كانت سببا مباشرا في ضياع ثلث العراق.
العراق بدأ بالتواصل مع سوريا بحذر من خلال إرسال المبعوث الأمني وبالمقابل استقبل وزير خارجيتها، ما يعني أن العراق بدأ بالتعامل مع الواقع السوري ولكن بحذر دون الدخول اكثر لحين ممارسه الشعب السوري لحقه في اختيار مصيره ودستوره وحكومته القادمة، لذلك على بغداد التعامل بذكاء والقدرة على إدارة المخاطر للمرحلة القادمة ليس فقط من خلال الانخراط السياسي والدبلوماسي، بل من خلال تعزيز قدراتها ومراقبتها على طول الحدود المشتركة مع سوريا وعدم السماح لأي تهديد والتعامل معه بأقصي صور الدفاع عن الأرض العراقية.
بدأ العراقيون ومن جميع المكونات والاطياف العودة لحياتهم الطبيعية في بلادهم، بالرغم من الصعوبات التي تعترض طريق استقرارهم لانه من الواضح أنهم متمسكون بهذا الاستقرار، ويسعون إلى ممارسة حقهم السياسي في مشاركتهم الفاعلة في الانتخابات القادمة والتي من شأنها وضع العراق مرة أخرى على طريق الامن والاستقرار، إذ إن من مصلحة الولايات المتحدة العمل ومساعدة العراق على هذا الاستقرار والتقدم التدريجي الذي يتم تحقيقه في البلاد، مع إدارة فنية وذكية للمخاطر التي يتعرض لها العراق ووجود بيئة أقليمية متقلبة وغير مستقرة بفواعل خارجية.
الصباح