المسرى :
وفاء غانم
تحولت اللعبة الشعبية الشهيرة ( المحيبس ) التي يمارسها اكثر العراقيين وعلى مدى اجيال للتسلية في ليالي شهر رمضان الى ساحة للشجار الدموي ، تصل احيانا الى استخدام الاسلحة , اخرها مشاجرة كبيرة استخدم فيها الرصاص الحي ، انتهت بإصابة عشرات الاشخاص وسط غياب اجراءات امنية صارمة للحد من التعدي على قدسية الشهر الفضيل.
وأظهر فيديو حصل عليه المسرى في 11 نيسان 2022، اشتباكا عنيفاً بين الحضور، فيما أفاد مصدر محلي، بأن العشرات من الحضور، أصيبوا إصابات خفيفة، جرّاء الضرب والشجار الذي حصل، خلال لعبة محيبس بين فريقي اتحاد بغداد، والطوبچي خلال البطولة الرمضانية المقامة في القاعة الخارجية لقاعة الشعب ببغداد.الى ذلك أفاد مصدر أمني بمحافظة ذي قار, في وقت سابق بسقوط جريحين في شجار حول لعبة المحيبس جنوبي المحافظة.
ولعبة المحيبس التراثية (إخفاء الخاتم) هي اللعبة الأكثر شعبية والمتنفس الذي يقضي فيه العراقييون وقتهم للتسلية طيلة ليالي شهر رمضان ، حيث يعود تاريخها للعباسيين، وتثير اللعبة الحماسة والتشويق لدى الحاضرين بسبب ما تشهده من طقوس خاصة، وهي تجمع بين متعة المنافسة ولقاء العراقيين بمختلف مكوناتهم وانتماءاتهم.
فكرة اللعبة
وتتلخص فكرة اللعبة في تنافس فريقين على الاحتفاظ بالمحبس أو “الخاتم” وغالبا يكون من فضة أو ذهب، والفائز هو الفريق الذي يسجل أعلى عدد من النقاط.
ويحصل الفريق الفائز دائما على أطباق كبيرة من الحلويات الشعبية مثل “الزلابية” و”البقلاوة” وسط هتافات وتشجيع الحاضرين، وترافقها جلسات من الغناء البغداديّ المعروف بـ”المربّعات”.
سميت هذه اللعبة بهذا الاسم نسبة إلى المحبس (الخاتم) الذي هو أداة اللعبة وأصل تسميتها، واسم (المحيبس) هو تصغير لكلمة المحبس.
لكن لاتخلو هذه اللعبة من الغش والاحتيال، وهذا الاحتيال يتم في بعض الأحيان من أجل إدخال المتعة في نفوس الحاضرين، وفي أحيان أخرى بهدف تحقيق الفوز بطريقة غير شرعية، كما يقول احد رواد هذه اللعبة .
يقول جاسم(45)عاما , الذي كان حاضرا في احد الشججارات التي دارت بسبب اللعبة ،أمارس هذه اللعبة من الصغر فهي ، لعبة توارثناها من اباءنا واجدادنا , وخاصة في ليالي الشهر الفضيل ،فعندما كنت صغيرا كان والدي يصطحبني معه لاشاهد معه هذه اللعبة التي يتجمع فيها الكثير من الناس وبمختلف الاعمار والطوائف والقوميات ، وكانت تجري طقوس هذه اللعبة بشكل سلمي واخوي , وتقبل للربح والخسارة .
واكمل جاسم حديثه للمسرى ،” ما اراه الان يختلف كثيرا عن السابق ، وهذامؤسف للغاية ، فكيف للعبة جميلة ومسيلة ان تتحول الى ساحة للمصارعة واستخدام للاسلحة .
وفي جوابه للسؤال المسرى عن سبب ماحدث ، اجاب قائلا , السبب يعود الى رؤساء الفرق الذين يريدون الفوز مقابل اي شئ , فهم لايتقبلون الخسارة ،مضيفا انا في اعتقادي السبب الاخر يعود الى التكنلوجيا واستفراد الناس مع اجهزتهم الذكية .
معرضة للاندثار
ويرى باحثون تاريخيون أنّ “التراجع الحالي في ممارسة لعبة المحيبس يعود إلى انشغال الشباب في مواقع التواصل الاجتماعيّ وابتعادهم عن الممارسات التراثية الشعبيّة”، مشيرا إلى أن “ممارسة لعبة المحيبس ما زالت مستمرة، لكن ليس بشكل مشابه لما قبل عام 2003، نتيجة خوف الناس من تنظيم التجمعات في الشوارع والمنازل، إضافة إلى عدم تمسك الشاب العراقي بالتقاليد والممارسات الأصيلة”،واضافوا: “إن لعبة المحيبس قد تندثر خلال السنوات الـ10 المقبلة، وتصبح مشابهة للألعاب الرمضانية الأخرى التي اختفت نهائياً”.