بشير علي
في الثالث من أيار/مايو من كل عام، يحتفي العراق باليوم العالمي للصحافة، مناسبة تسلط الضوء على نضالات الصحفيين وتضحياتهم من أجل الحقيقة، وسط بيئة لا تزال محفوفة بالمخاطر والتحديات. ورغم التطورات السياسية والتحولات الاجتماعية، تبقى حرية الصحافة في العراق مقيّدة، ومرتبطة بسياقات أمنية وقانونية معقدة.
منذ سقوط النظام السابق في عام 2003، شهد المشهد الإعلامي العراقي انفجاراً في عدد وسائل الإعلام وتنوعاً في الأصوات، إلا أن هذا الانفتاح رافقته موجات متكررة من التضييق، والتهديد، بل والاغتيال أحيانًا. فقد دفع العشرات من الصحفيين حياتهم ثمناً لتمسكهم بالحقيقة، بينما يواجه المئات منهم الملاحقات القضائية، والضغوط السياسية، والتضييق الاقتصادي.
ويأتي هذا اليوم في وقت تتصاعد فيه المخاوف من تراجع هامش الحريات، لا سيما في ظل التقارير المحلية والدولية التي تؤكد أن الصحفيين في العراق، لا سيما في إقليم كردستان، ما زالوا عرضة لأشكال غير مباشرة من الرقابة والقمع، مثل الضغط عبر القوانين الفضفاضة، أو التهديدات الأمنية، أو حتى المضايقات الاقتصادية.
وتشير منظمات مثل “مراسلون بلا حدود” ومركز “ميترو” للدفاع عن حقوق الصحفيين إلى أن بيئة العمل الصحفي في العراق تتطلب إصلاحاً قانونياً شاملاً، يضمن حرية التعبير ويحمي الصحفيين من الاستهداف، كما تدعو هذه الجهات إلى إلغاء القوانين التي تُجرّم النشر وتُستخدم كأدوات ترهيب، بما يتنافى مع المعايير الدولية لحرية الصحافة.
ورغم هذه التحديات، لا تزال الصحافة العراقية حاضرة بقوة في المشهد العام، تؤدي دورًا محوريًا في كشف الفساد، ومساءلة السلطات، وتنوير الرأي العام. هذا الإصرار على الاستمرار، رغم الكلفة العالية، يعكس شجاعة الصحفيين العراقيين وإيمانهم العميق بدور الكلمة الحرة في بناء الدولة الديمقراطية.
في هذا اليوم، لا يكفي الاحتفاء بالصحفيين عبر كلمات الدعم فقط، بل يتطلب الأمر التزامًا حقيقيًا من قبل الدولة والمجتمع لحمايتهم وتمكينهم. فحرية الصحافة ليست ترفًا ديمقراطيًا، بل ركيزة أساسية لأي نهضة حقيقية.