بشير علي ــ المسرى
تشهد العاصمة العراقية بغداد حراكًا دبلوماسيًا وأمنيًا مكثفًا تحضيرًا لاستضافة القمة العربية المقبلة، في خطوة وصفها مراقبون بأنها مؤشر على عودة العراق إلى موقعه الطبيعي في قلب المشهد العربي، بعد سنوات من العزلة والصراعات التي أثّرت على حضوره الإقليمي.
ويعمل العراق، رسميًا وشعبيًا، على تهيئة الأجواء اللوجستية والسياسية لاستقبال قادة وزعماء الدول العربية، في قمة يُتوقع أن تحمل رسائل سياسية وأمنية واقتصادية بالغة الأهمية في ظل ظروف إقليمية متقلبة.
تحضيرات دقيقة ومشاورات دبلوماسية
أعلنت الحكومة العراقية تشكيل لجان عليا لمتابعة كافة جوانب التحضير، من الاستقبال والضيافة إلى الجوانب الأمنية والإعلامية، في تنسيق غير مسبوق يعكس حرص بغداد على تقديم صورة مستقرة ومنفتحة تعكس طموحاتها الجديدة في السياسة الخارجية.
كما كثفت وزارة الخارجية العراقية اتصالاتها مع العواصم العربية لضمان حضور رفيع المستوى للقمة، في وقت تتصاعد فيه التوقعات بشأن جدول الأعمال، الذي يُنتظر أن يتناول ملفات محورية تتعلق بالاستقرار الإقليمي، والصراعات القائمة، والتكامل الاقتصادي.
أهمية سياسية: بغداد تطرق أبواب الريادة مجددًا
سياسيًا، يُنظر إلى تحضيرات العراق لاستضافة القمة العربية كعلامة على استعادته لمكانته كدولة محورية تسعى للعب دور الوسيط والموحد، لا ساحة للصراعات. وتؤشر التحركات الأخيرة إلى تطور في الخطاب العراقي الرسمي، القائم على مبدأ “الانفتاح المتوازن” مع محيطه العربي.
ويرى مراقبون أن نجاح القمة في حال انعقادها في بغداد سيكون بمثابة تتويج لتحولات سياسية داخلية تسعى لترسيخ الاستقرار، وبعث رسالة للعالم بأن العراق تجاوز مرحلة الانقسامات وبدأ مرحلة جديدة من الشراكة والتأثير الإقليمي.
أمن القمة… اختبار للجاهزية
الأبعاد الأمنية للقمة لا تقل أهمية، إذ تُعد استضافة حدث بهذا الحجم اختبارًا حقيقيًا لقدرات العراق الأمنية. وقد أعلنت السلطات العراقية عن خطة أمنية مشددة تشمل تأمين الطرق والمقار الرسمية، وتنسيقًا مع أجهزة استخباراتية لضمان سلامة الوفود.
ويأمل القائمون على التحضيرات أن يشكل نجاح الجانب الأمني في القمة رسالة للعالم العربي والدولي بأن العراق بات بلدًا آمنًا قادرًا على احتضان قمم كبرى، بعدما كان لعقود رمزًا للفوضى والعنف.
بعد اقتصادي واعد
اقتصاديًا، يرى محللون أن استضافة بغداد للقمة قد تفتح الباب أمام فرص استثمارية كبيرة، سواء من خلال تعزيز العلاقات الثنائية بين العراق والدول العربية، أو عبر الاتفاق على مشاريع إقليمية تشمل الطاقة والنقل والتجارة. وتُعوّل الحكومة العراقية على القمة لإبراز فرص الإعمار والتنمية وجذب الشركاء العرب إلى الداخل العراقي.
العراق بين الطموح والإرادة
في نهاية المطاف، لا تمثل التحضيرات الجارية لاستضافة القمة العربية مجرد ترتيبات بروتوكولية، بل تعكس إرادة سياسية لإعادة تموضع العراق في خارطة العلاقات العربية، ليس فقط كمشارك، بل كمضيف ومبادر. فهل تنجح بغداد في تحويل القمة إلى نقطة تحول؟ هذا ما ستجيب عنه الأيام المقبلة.