الكاتب..حسين الذكر
تزخر مواقع التواصل، لا سيما في الكروبات أو ما يسمى بالمجموعات الخاصة بالإعلاميين والصحفيين والمثقفين والمحللين على وجه الدقة. وقد لاحظنا هناك احتدامًا بين آراء متضاربة، لا سيما في بعض القرارات الحكومية، خاصة ما يتعلق منها بما لم يُتفق عليه بين الكتل الكبرى المشكلة للحكومة أو ممثليهم تحت قبة البرلمان، ومدى انعكاس ذلك وتبعاته على نقاشات تحليلية، كل يراها من وجهة نظره صائبة أو أقرب للحق من الآخر.
هنا لا بد أن نشير إلى أن العراق بلد ديمقراطي ويتمتع بقدر كبير من الحرية التعبيرية، مقارنة بمختلف بلدان الشرق الأوسط، لا سيما العربية منها، إذ إن العراق، منذ 2003، خاض عددًا كبيرًا من الانتخابات وتبدلت فيه حكومات نتيجة الأثر الانتخابي الحر. وما على الزائر المتفحص للعراق إلا أن يلقي نظرة بسيطة على الطيف الفضائي والقنواتي المزدحم فيه ملف الإعلام، ليجد مدى فسحة تلك الحرية في التعبير لعدد من القنوات، التي تمثل أحزابًا وكتلًا وقوميات وشخصيات وتوجهات مختلفة، لكنها تمتلك قدرًا كافيًا من الحرية بصورة مذهلة غير مسبوقة، لا في العراق ولا في الشرق الأوسط. كما أن ذلك التسامح والفسح نجدهما في شارع المتنبي، الذي تصطف فيه الكثير من الكتب على جادة ومنصات السوق ومقترباته، كل يبيع الكتاب الذي يعجبه دون موانع، فتجد مع وضد، بشكل يسعد عشاق الحرية.
هنا لا بد من الإشارة إلى نقطة مهمة مفصلية في عمل الحكومة، إذ إن الحكومات عامة، في الأنظمة البرلمانية أو الملكية وغيرها، مع انبثاقها من رحم العملية الانتخابية وما يترتب عليها من ائتلافات وانبثاقات وتشكلات جديدة، تعد ملزمة برقابة برلمانية دستورية. إلا أن آليات عمل الحكومة تختلف عما يمكن أن تكون عليه آليات عمل البرلمان وبقية المؤسسات الديمقراطية، وإن لم تشذ عنها.فالجسد الحكومي الكبير وملفاته الشائكة الأكبر، تضطر بعض مؤسساته وقراراته أن تأتي بما لا يتطابق مع التوجهات المعتادة، أو لا ينسجم مع رؤاها.
وذلك متأتٍ من طبيعة العمل الحكومي والانفتاح على ملفات لا يمكن التعاطي معها كما يتعاطى معها البرلماني أو المحلل السياسي.
فقيادة الدولة تختلف في بعض التفاصيل، بما يتيح لها العمل بصورة أكبر حرية ومرونة لازمة للخوض بمسائل، وإن عدّها البعض من الخطوط الحمر، إلا أن شبكة المصالح المترابطة والمتراصة والمتتابعة… تتطلب الخوض بكل ما فيه مصلحة الوطن (كدولة)، وإن فسره البعض وفق نظرة قد لا تكون شمولية أو غير مطلعة على كل ما يجري في الظلام السياسي الدولي، الذي هو الميدان الحقيقي للحكومات، خاصة العربية.
الصباح