تراجع سعر صرف الدولار مؤخرا مقابل الدينار العراقي بعد أشهر من التقلبات وارتفاع الأسعار أثار مخاوف شعبية واضطراباً في السوق.
الانخفاض المفاجئ أثار تساؤلات حول أسبابه الحقيقية، وما إذا كان يمثل بداية لاستقرار نقدي أم أنه مجرد تراجع مؤقت.
يرى مختصون أن الأسباب محلية بالدرجة الأولى، وليست ناتجة عن تطورات إقليمية أو عالمية.
وقال الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني في تصريح طالعه المسرى ، إن”الظروف الجيوسياسية مثل التوتر بين الهند وباكستان عادة ما ترفع الطلب على الدولار، لكن ما حدث في العراق يشير بوضوح إلى أن العوامل الداخلية هي المحرك الأساسي لانخفاض السعر”.
وأوضح المشهداني ، أن من أبرز هذه العوامل، القرار السابق للبنك المركزي بتنظيم بيع وشراء العقارات، والذي قلل من استخدام الدولار في المعاملات العقارية، ما خفف الضغط على العملة الأجنبية.
وأشار إلى أن توسع المصارف المخولة بتنفيذ التحويلات الخارجية، واعتماد آلية تعزيز الأرصدة، أدى إلى مبيعات كبيرة من الدولار تجاوزت 300 مليون دولار يومياً في فترات سابقة. لكن كثيراً من هذه الأموال لم يُستخدم في استيراد السلع، بل بقي في حسابات خارجية، وهو ما يُعرف بـ”الراجع”، الذي لا يعكس طلباً حقيقياً داخل السوق.
وسجلت محلات الصرافة، والبورصة المحلية في معظم المحافظات ، انخفاضاً بأسعار الدولار مقابل الدينار العراقي، ضمن انخفاض طفيف وتدريجي مستمر منذ أيام
مراقبون يحذرون من اعتبار انخفاض الدولار مؤشراً على استقرار دائم، خصوصاً مع استمرار التحديات السياسية والاقتصادية، واعتماد السوق على الاستيراد، ما يجعل أي تراجع في عائدات النفط أو تدفق العملة الأجنبية مصدر قلق.
ويذهب المختصون الى أن استدامة انخفاض سعر الدولار تتطلب مواصلة الإصلاحات الاقتصادية والنقدية، وتعزيز دور القطاع المصرفي، وضبط السوق الموازي، إلى جانب دعم الإنتاج المحلي لتقليل الاعتماد على الدولار.
وأكد مستشار رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية مظهر محمد صالح، أن”هناك ثلاثة عوامل رئيسة أدت الى ضعف الطلب في السوق الموازي على الدولار وجعلت أسعاره تنخفض باتجاه سعر الصرف الرسمي بمعدل تغيير لمصلحة الدينار بحوالي 15% بالمتوسط خلال الاسابيع او الاشهر القليلة الماضية” .
ولفت صالح في تصريح طالعه المسرى ، الى أن”الأول منها : نجاح البنك المركزي العراقي في تمويل التجارة الخارجية للقطاع الخاص لكبار التجار عن طريق تعزيز الدولار لدى مراسلي المصارف الوطنية في الخارج المصنفة من التصنيف AAA بشكل متسارع ، فضلاً عن بدء التعامل المباشر بالتمويل للعمليات المصرفية الخارجية بعملة اليورو و الدرهم الإماراتي واليوان الصيني من خلال مراسلين مصرفين للمصارف العراقية هم من التصنيف الائتماني العالي في اعلاه ما شجع على سرعة الدفع والتحويلات، في التجارة مع أسواق الإمارات وتركيا والصين وهم من أكبر مراكز التسوق التجاري للعراق والثاني ، تشجيع تمويل التجارات الصغيرة دون وساطات مكلفة وهي التجارة التي تشكل قرابة 60 من تجارة القطاع الخاص بعد رفع الكثير من القيود المفروضة سابقا والتعاطي من خلال المصارف المراسلة الرصينة نفسها وعبر المصارف العراقية مباشرة، والثالث والاهم ، نجاح شريحة المسافرين قد اعتادت بسرعة في تحصيل مستحقاتها بالعملة الأجنبية عن طريق بطاقات الدفع بمبالغ عالية وبكلفة مخفضة وبسعر صرف 1320 دينار لكل دولار ، مضاف اليها ومن دون مشكلات تحصيل الدولار النقدي عبر مطارات جمهورية العراق ، بمبلغ 3000 دولار دولار بالسعر الرسمي للصرف لكل مسافر شهريا مع حمل بطاقة الدفع الاكترونية سواء الدائنة او المدينة او ذات الدفع المسبق كما اشرنا انفا.”
وبين ، أن”تعرض التعامل بالدولار في سوق الصرف السوداء الى المساءلة القانونية المواطن في غنى عنها ، وأخيرا مخاطر تقلب قيمة الدولار الشديدة امام الذهب واتجاه الافراد الى الاحتفاظ فوائضهم المالية بالذهب وسندات الحكومة السيادية المضمونة الدفع وبفائدة نصف سنوية مجزية في برنامج حكومي ناجح يطرح الى الجمهور ، وبادوات دين يمكن خصمها او تداولها في السوق المحلية الثانوية”.
وتخلى الدولار ، الخميس الماضي ، عن بعض مكاسبه ، بعد أن حذر مجلس الاحتياطي الاتحادي من المخاطر المتزايدة على الاقتصاد بسبب ارتفاع التضخم والبطالة.
وسجل مؤشر الدولار تراجعا ، الذي يقيس أداء العملة مقابل ست عملات رئيسة، بنسبة 0.2 بالمئة إلى 99.682، ليبدد نحو ثلثي المكاسب التي حققها قبل يوم .
كما هبط الدولار 0.1 بالمئة إلى 143.63 ين وانخفض 0.2 بالمئة إلى 0.8229 فرنك سويسري .في الاثناء زاد اليورو 0.2 بالمئة إلى 1.1327 دولارا.
كما قفز الجنيه الاسترليني ليصعد معه الدولار الأسترالي بعدما قال الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” إنه سيعلن عن “اتفاق تجاري كبير” في وقت لاحق اليوم، في حين ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” أن بريطانيا ستكون الدولة الموقعة”.
وارتفع الجنيه الاسترليني 0.4 بالمئة إلى 1.3341 دولارا، حتى مع توقعات واسعة النطاق بأن يخفض بنك انكلترا أسعار الفائدة ربع نقطة لاحقًا “.