تقرير: هناء رياض
مع كل تأخر لصرف رواتب الموظفين في الحكومة الاتحادية او حكومة الاقليم تثار قضية السيولة المالية ومدى وفرتها ..
فبين تشكيك وتأكيد تبدو ازمة السيولة المالية حقيقة لابد من التعامل معها ودراسة مسبباتها وتداعياتها ، فبعد ان أكدت وزارة المالية رسمياً، وجود عجز كبير لدى الخزينة في تمويل رواتب الموظفين والمتقاعدين ومتقاضي الإعانات الاجتماعية، من خلال مراسلة رسميّة بين وزارة المالية ومكتب رئيس الوزراء،في شباط الماضي بشأن تثبيت عقود قراء المقاييس على الملاك الدائم.
والذي جاء فيه ، انه في حالة الموافقة على إدراج نص يخص تثبيت العقود لقراء المقاييس في وزارة الكهرباء، فأن ذلك سيؤدي إلى تحمل الخزينة العامّة للدولة أعباءً مالية إضافية، في الوقت الذي تعاني منه الخزينة من عجز كبير في تمويل الرواتب
بين تشكيك وتأكيد تبدو الازمة المالية واقعاً ملموس
ورغم ان وزارة المالية نفت بشكل قاطع وجود اي عجز مالي بعد انتشار الوثيقة ، الا ان ذلك لم يكن كافياً لأنتهاء المشكلة القائمة والتي يحاول المسؤولون التغاضي عنها
فالمالية النيابية، ردت على ذلك بالتحذير من توسّع الأزمة في الأشهر المقبلة. وقال عضو اللجنة محمد نوري، إنه “منذ فترة طويلة أشرنا لوجود عجز مالي حقيقي لدى وزارة المالية بشأن السيولة النقدية لدفع الرواتب ، موضحاً ، إن هذا العجز ليس له أي علاقة بقضية معاقبة المصارف العراقية من قبل أميركا، بل هو متعلق باعتماد العراق بشكل كلي على عائدات بيع نفط”،
مطالباً وزارة المالية بأيجاد حلولا سريعة وحقيقية لهذه الازمة بدل تكرار نفيها رغم صدور الاعتراف منها
المالية النيابية طالبت بمعالجة الازمة بدل التكتم عليها او نفيها
اما عن اسباب هذا العجز في السيولة المالية ، فيؤكد ذوو الاختصاص بأنه ناتج عن عدة عوامل مجتمعة ، تقف على رأسها ارتفاع النفقات الحكومية حيث يتجاوز الإنفاق الحكومي الإيرادات المتاحة، لذا تأثرت السياسة النقدية بزيادة الإنفاق على البنية التحتية والخدمات العامة دون توافر مصادر تمويل كافية”. والاعتماد الكبير على الإيرادات النفطية حيث يجعل الاقتصاد العراقي عرضة لتقلبات أسعار النفط، مما يؤثر سلبًا على قدرة الحكومة على تنفيذ سياسات نقدية فعالة. بالإضافة إلى ضعف البنية التحتية المالية حيث يعاني النظام المصرفي والمالي في العراق من نظام تقليدي يفتقر إلى الحداثة في تقديم الخدمات المالية المتطورة، مما يجعل من الصعب على البنك المركزي تنفيذ سياسات نقدية فعالة بما يضمن الاستقرار الاقتصادي ، فيما اكد المستشار المالي لرئيس الوزراء العراقي مظهر محمد صالح أن 85% من العملة العراقية خارج التداول بسبب تفضيل العراقيين اكتناز أموالهم بدل وضعها بالمصارف، وخشيتهم من المخاطرة باستثمار أموالهم. مضيفاً سبباً آخر وهو العقوبات الأميركية على مصارف عراقية اتهمت بخرق قواعد تحويل الدولار وإيصاله لأطراف إيرانية
مختصون: أهم اسباب العجز المالي هو ارتفاع النفقات الحكومية
كل تلك الاسباب قادرة على تحويل الملف المالي في العراق الى كابوس يؤرق المواطن قبل الحكومة ، فتأخر الرواتب وحصر التعيينات بأعداد قليلة وزيادة اعداد العاطلين عن العمل ، عوضاً عن تزاحم الطلب على الخدمات ، كلها مشاكل قادرة على قلب حياة المواطن وتأزيمها ، عوضاً عن كل هذا فأن هناك تداعيات عدة لتلك الازمة منها فقدان الثقة في العملة، وتداول غير مستقر، وتباطؤ النمو الاقتصادي، وزيادة الدين العام نتيجة لعجز الميزانية وزيادة التضخم، كما يمكن أن تصل هذه الخسائر إلى مليارات الدولارات سنويًا، مما يجعل الحاجة إلى إصلاحات جدية في السياسة النقدية أمرًا ملحًا في العراق”.
مختصون: اكبر تداعيات الازمة المالية هي فقدان الثقة بالعملة وزيادة التضخم
ورغم إعلان الحكومة العراقية نهاية العام الماضي تخصيص أكثر من 100 مليار دولار لتنفيذ المشاريع الإستراتيجية في مجالات البنية التحتية، لكن الواقع المالي المرتبط بأسعار النفط يثير الشكوك في القدرة على التمويل، خاصة في ظل اعتماد الموازنة بشكل شبه كلي على عائدات النفط التي تتسم بالتقلب وعدم الاستقرار
وفي تقرير نشرته مؤسسة “عراق المستقبل” المستقلة المعنية بالشؤون الاقتصادية مؤخرا، كشف عن أن العراق يُعد الدولة الأكبر بعدد الموظفين الحكوميين نسبة إلى مجمل القوى العاملة، بالاعتماد على دراسة أعدّتها منظمة العمل الدولية وبيانات المؤسسة.
مؤسسة عراق المستقبل : العراق هو الدولة الأكبر بعدد الموظفين الحكوميين نسبة إلى مجمل القوى العاملة
وفي نهاية العام الماضي 2024، أكد الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، أن رواتب الموظفين والرعاية الاجتماعية تلتهمان الموازنة العامة للعراق، حيث بلغت رواتب الموظفين 49.456 تريليون دينار حتى أكتوبر 2024، فيما وصل الإنفاق على الرعاية الاجتماعية إلى 22 تريليون دينار، ليشكل الإجمالي أكثر من 71% من الإنفاق التشغيلي.
المرسومي: رواتب الموظفين والرعاية تلتهم الميزانية