د.عدالت عبد الله – السليمانية
مع التطور المتسارع في تكنولوجيا الاتصالات الحديثة وانتشارها الواسع على مستوى العالم، شهدت مختلف المجالات نقلة نوعية غير مسبوقة، خاصة تلك التي تعتمد على السرعة والتقدم والتفاعل المباشر. وكان للإعلام نصيبه الواضح من هذا التطور، حيث انتقل من الأساليب والوسائل التقليدية إلى آفاق جديدة عبر استخدام الأجهزة والتقنيات الحديثة. وقد أدى ذلك إلى بروز ظاهرة إعلامية معاصرة باتت تُعرف اليوم بـ”الإعلام الجديد” (New Media)، في إشارة إلى تجاوز الهيمنة التقليدية للصحافة الورقية، والإذاعة، والتلفزيون، والانخراط في نمط جديد يعتمد على الإنترنت، مثل الصحف الإلكترونية، المنتديات، المدونات، ومواقع التواصل الاجتماعي.
وكما هو الحال في بقية دول العالم، شمل هذا التحول التكنولوجي في مجال الإعلام منطقة الشرق الأوسط، بما فيها العراق، وتحديدًا إقليم كُردستان. حيث ساهم هذا التحول في تطوير وسائل الإعلام هناك، وأحدث تغيرًا نسبيًا في المشهد الإعلامي من جوانب متعددة، مثل الملكية والسيطرة، ووظائف الإعلام وأدواره، وأساليب التواصل والتفاعل، فضلاً عن النشر والتعبير.
ومن أبرز نتائج هذا التحول، إنهاء احتكار الجهات الرسمية والأحزاب الرئيسة للمشهد الإعلامي، وإجبارهم على إعادة النظر في أساليبهم الإعلامية التقليدية، لا سيما أن الإعلام الجديد تجاوز الحواجز الجغرافية للدولة والوطن، ما جعله ظاهرة كونية لا يمكن تجاهلها. وبالتالي، فتح هذا التطور الباب أمام مرحلة جديدة في تاريخ الإعلام، كما يصفها الباحث والأكاديمي د. علي رمال حينما قال “عهدنا نحن بامتياز هو عهد إعلام المواطن”.
ولم تكن الأحزاب السياسية في كُردستان العراق بمنأى عن هذا التطور، بل سعت منذ وقت مبكر إلى توظيف وسائل الإعلام الجديدة لصالحها. إذ وجدت في هذه المنصات فرصة لتعزيز تواصلها مع الجمهور، والتأثير عليه، وكسب ولائه. ومع تعمّق استخدام هذه الوسائل، أصبحت أداة فاعلة في تأجيج الصراعات السياسية، سواء لتحقيق أهداف انتخابية، أو لخدمة مصالح فئوية وشخصية.
وهكذا، يُمثّل الإعلام الجديد ثورة حقيقية في عالم الإعلام والاتصال، ليس فقط على صعيد الأدوات، بل في بنيته ووظائفه وطريقة تفاعله مع المتلقي، ما يفرض تحديات جديدة وفرصًا كبيرة في آن واحد أمام جميع الفاعلين في هذا المجال.