المسرى.. تقرير: فؤاد عبد الله
لاتزال الاختلافات في المواقف والآراء بين الأطراف والكتل السياسية تلقي بظلالها على المشهد السياسي الخانق، ولا أحد يعلم إلى أين يؤدي هذا التعنت والتناحر والاصرار على المواقف بغية الاستئثار بأكثر المناصب في الدولة، بذريعة المقاعد النيابية التي حصلوا عليها في الانتخابات الأخيرة، دون الرجوع إلى الشركاء، في محاولة منهم لتهميش وإقصاء الآخرين من العملية السياسية، وهو ما لايرضاه الشركاء.
الظاهر والباطن
الخبير الاستراتيجي كاظم الحاج، يقول لـ( المسرى) إن “المهلة التي اعطاها مقتدى الصدرللقوى السياسية وتحديداً للاطار التنسيقي،هي ليست خاصة بالاطار ظاهراً، وإنما في باطنها هي خاصة بالتحالف الثلاثي، لمحاولة كشف النوايا ومقدار ثبات أطراف التحالف الثلاثي على مستوى الثقة التي تشكل التحالف عليها في بدايات التشكيل”، مضيفاً أن “التجديد لمحمد الحلبوسي هي أحدى العقد التي عقدت المشهد السياسي أكثر، باعتبار أن الحراك السابق للعملية السياسية، كان التجديد للرئاسات الثلاث، وبالتالي التجديد للحلبوسي جاء بدعم خارجي ( تركي إماراتي)،أي من هنا تحديداً تبدأ بدايات التعقيد في المشهد السياسي العراقي”.

فرض شخصية
وأشار الحاج إلى أن ” محاولة الحزب الديمقراطي الكوردستاني فرض شخصية على المكون الكوردي ومن ثم العراقي ككل لرئاسة الجمهورية، كان أحد الإشكاليات الرئيسية بتعقيد المشهد السياسي أكثر متمثلة بعدم تحقيق النصاب لجلستي اختيار رئيس الجمهورية، أضف إلى ذلك أن هناك بعض القوى تحاول لحد اليوم دعم رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي بالتلميح له أو إعطاءه أملاً بالتجديد لإبقاءه في منصبه، وهو أيضاً أحد أسباب ما يجري الآن في البلاد”، مؤكداً أن ” تحرك القوى السياسية متمثلة بالاطار التنسيقي في أن يكون هناك حراك سياسي ما بين جميع القوى والأحزاب والكتل بهدف إيجاد قاعدة مشتركة بعيدة عن المحاصصة التي ذهب إليها التحالف الثلاثي، هو امر إيجابي، لأنه يريد موقفاً كوردياً كوردياً موحداً حول منصب رئيس الجمهورية الذي هو من استحقاق الاتحاد الوطني تتفق عليه جميع الاحزاب الكوردية، وهذا الأمر ينطبق أيضاً على منصب رئيس الوزراء الذي هو من استحقاق المكون الشيعي”.
حراك كبير
رئيس مركز إرتقاء للبحوث والدراسات عباس العرداوي فيقول لـ( المسرى) إن ” القوى السياسية اليوم في حراك كبير جداً، فبعد أن فشل التحالف الثلاثي بتأمين الأصوات الكافية في البرلمان لتمرير مشروعه، فلابد له من أن يجلس مع القوى السياسية الأخرى للتوافق وتشكيل ائتلاف مع بقية المكونات لإنهاء هذا المشهد المتأزم والمضي بالعملية السياسية إلى الأمام”، لافتاً إلى أن “أطرافاً من التحالف الثلاثي أيقنت جيداً أن تحالفها غير المدروس مع بعض قد خلق لديها حالة من الندم والتشظي وتصاعد الخلافات داخل المكون ( الشيعي والسني والكوردي)، وبالتالي يحاول الاطار التنسيقي اليوم لملمة الصفوف والذهاب نحو حكومة إئتلافية، بعيداً عن المشاحنات والاختلافات”.

مواقف متغيرة
وأوضح العرداوي أن ” العراقيين تعودوا على المواقف المختلفة لزعيم التيار الصدري، وتتحمل في سياسيتها طرفي النقيض، لذلك ربما يذهب بعد انقضاء المهلة التي حددها إلى انفراج في المشهد السياسي، لا سيما بعد المعطيات الموجودة على أرض الواقع بتناقص أعداد النواب المصوتين ضمن تحالف إنقاذ الوطن”، مبيناً أنه “ربما زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر سيذهب لاحقاً نحو التوافق والإئتلاف مع القوى السياسية الأخرى ويسمح لكتلته على أقل تقدير المشاركة في ذلك الائتلاف تشكيل الحكومة، وكل الرسائل لحد اليوم من الأطراف السياسية حول هذا الأمر ايجابية”.
حلم العراقيين
ويتطلع العراقيون بمختلف انتماءاتهم ومكوناتهم حلحلة هذا الوضع السياسي المنغلق والجلوس على طاولة الحوار لتصفير مشاكلهم وخلافاتهم والسير نحو تشكيل الحكومة الجديدة، حكومة قادرة على تقديم الخدمات والأمن وتوفير أبسط سبل العيش الرغيد لمواطنيها بعيداً عن التناحر والمناكفات السياسية.
