بشير علي
في زيارة وصفها المراقبون بأنها نقطة تحول في السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الرياض عن رفع جميع العقوبات المفروضة على سوريا، في خطوة من شأنها إعادة رسم ملامح التحالفات الإقليمية والدولية، وتغيير ديناميكيات النفوذ في المنطقة.
رفع العقوبات: خطوة استراتيجية أم تكتيك سياسي؟
جاء قرار ترامب بعد محادثات مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حيث تم الاتفاق على دعم الحكومة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع، زعيم هيئة تحرير الشام سابقًا، الذي تولى السلطة بعد الإطاحة ببشار الأسد في ديسمبر 2024. القرار الأمريكي شمل رفع الحظر عن مؤسسات مالية سورية رئيسية، ما يتيح تدفق الأموال اللازمة لإعادة الإعمار. وقد لاقى القرار ترحيبًا في دمشق، حيث خرجت مظاهرات احتفالية في شوارع العاصمة.
تداعيات القرار على الوطن العربي.. إعادة تشكيل التحالفات الإقليمية
يُنظر إلى هذه الخطوة على أنها تعزيز للتحالف بين الولايات المتحدة والسعودية وتركيا، في مواجهة النفوذ الإيراني المتزايد في المنطقة. السعودية، التي كانت قد قطعت علاقاتها مع نظام الأسد منذ عام 2012، تسعى الآن إلى دعم الاستقرار في سوريا من خلال دعم الحكومة الجديدة، خاصة في ظل التهديدات الإيرانية المتزايدة.
تحفيز جهود إعادة الإعمار
رفع العقوبات يُمهد الطريق أمام الدول العربية والمجتمع الدولي لتقديم الدعم الاقتصادي والإنساني لسوريا. وقد دعت المملكة العربية السعودية في وقت سابق إلى ضرورة رفع العقوبات لتسهيل عودة اللاجئين السوريين وتحقيق التنمية المستدامة.
التحديات أمام الحكومة السورية الجديدة
على الرغم من الدعم الدولي، تواجه الحكومة السورية الجديدة تحديات كبيرة، أبرزها بناء مؤسسات دولة قوية، وتحقيق المصالحة الوطنية، ومكافحة التطرف، واستعادة السيطرة على الأراضي التي كانت تحت سيطرة الجماعات المسلحة.
ردود الفعل الإقليمية والدولية
إيران: رحبت بالقرار، معتبرة إياه خطوة نحو تعزيز الاستقرار في المنطقة.
إسرائيل: أعربت عن قلقها من صعود حكومة يُعتقد أن لها صلات مع جماعات متشددة، مما قد يُهدد أمنها القومي.
الدول العربية: أثنت على القرار، مشيرة إلى ضرورة دعم سوريا في مرحلة إعادة البناء، مع التأكيد على أهمية الحفاظ على سيادتها واستقلالها.
قرار الرئيس ترامب برفع العقوبات عن سوريا يُعد تحولًا استراتيجيًا في السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط. هذه الخطوة قد تُسهم في إعادة بناء سوريا وتوفير بيئة أكثر استقرارًا في المنطقة، لكنها أيضًا تطرح تحديات جديدة تتطلب تنسيقًا دوليًا وإقليميًا لضمان نجاح عملية الانتقال السياسي وتحقيق السلام الدائم.