محمد البغدادي
مازال التعطيل سيد الموقف في جلسات مجلس النواب أبعده عن الطابع التشريعي، خصوصا بعد الفشل الذي مني به المجلس في جلساته الأخيرة قبل انتهاء الفصل التشريعي والدخول في العطلة التي ستمتد لعيد الأضحى المقبل، وباتت أروقة المجلس مليئة بالقوانين والملفات والاستجوابات التي لم تجد طريقاً للنور.
وأكد عضو مجلس النواب محمد الزيادي، في تصريح طالعه المسرى ،أن عرقلة اجراء الاستجوابات لم تقتصر عليها فقط وانما منع المسؤولين الذين ينتمون لتلك الأحزاب من الحضور لاستضافات اللجان وحتى منعهم من الإجابة على االأسئلة التوضيحية التي يطلبها النواب، اضافة الى أن تلك القوى تعمل على عرقلة إظهار نتائج التقييم الحكومي والبرلماني لوزراء الكابينة الوزارية .حسب تعبيره

وأوضح النائب المستقل هادي السلامي، في تصريح طالعه المسرى ،أن”رئاسة مجلس النواب تتحمل المسؤولية الكاملة بسبب تأخير إجراءات استجواب تسعة وزراء، رغم تقديم الطلبات منذ أشهر، حيث تم جمع جميع التواقيع المطلوبة وتقديم الوثائق والمستندات القانونية اللازمة، إلا أن طلبات الاستجواب ما زالت عالقة لدى رئاسة المجلس”.
وتابع السلامي، أن”عدد النواب المطالبين بالاستجواب يتراوح بين 35 إلى 40 نائباً، وهذه المطالب تأتي ضمن الأطر الدستورية والديمقراطية، الا أن الكيانات السياسية الكبرى تمتلك أغلبية مقاعد البرلمان، مما يُمكنها من السيطرة على العملية التشريعية عبر إقرار أو إعاقة القضايا المطروحة، بما في ذلك منع تمرير الاستجوابات البرلمانية”.
بدوره ، بين عضو مجلس النواب، بهاء الدين النوري، أن”الخلافات السياسية بين الكتل حول بعض الفقرات المدرجة على جدول الأعمال كانت السبب المباشر في تعطيل عدد من الجلسات، وتأجيل التصويت على قوانين مهمة تمس الأمن والخدمات، ومن بين القوانين المؤجلة قانون الحشد الشعبي، الذي يحظى باهتمام واسع داخل البرلمان، اذ سيعاود المجلس جلساته بعد انتهاء العطلة التشريعية، في حال نجحت جهود الوساطة بتقريب وجهات النظر وإنهاء الخلافات”.
وبدأ مجلس النواب عطلته التشريعية يوم التاسع من شهر آيار الجاري بعد أن أخفق بعقد عدة جلسات بسبب خلافات الكتل السياسية بشان العديد من القوانين المهمة التي تحتاج الى التوافق السياسي من اجل تمريرها داخل المجلس.
ويشرح الباحث في الشأن السياسي داوود الحلفي ضرورة مشاركة المواطنين في الانتخابات المقبلة لتشكيل مجلس نواب فاعل، منتقدا اداء المجلس الحالي وعدم تمثيله للشارع العراقي.
وقال الحلفي خلال استضافته في برنامج شؤون عراقية يبث عبر قناة المسرى، إن مجلس النواب العراقي لا يوجد له وصف كمجلس تشريعي ورقابي بل هو مجلس متقلب الامزجة، حسب ما تقتضيه مصلحة المجلس من الحصول على مكاسب سلطوية، مشددا على أن مجلس النواب الحالي هون الاضعف على الاطلاق في تاريخ الديمقراطية العراقية.

داوود الحلفي: غياب المعارضة يجعل البرلمان خاملا
وأضاف الحلفي أن الخلل الأكبر يكمن في غياب ركائز القوة في العملية السياسية، مشيرا إلى أن المعارضة هي من ركائز القوة في مجلس النواب فهي تحث على المجلس على الرقابة والمحاسبة، لافتا إلى أن الطامة الكبرى أن جميع الكتل السياسية في العراق هي حاكمة وفي الوقت نفسه معارضة، مؤكدا ان البرلمان الذي يخلو من المعارضة يكون برلمانا خاملا.
وشدد الحلفي على أن مجلس النواب الآن على المحك، فهناك تحديات يواجهها العراق، وعلى مجلس النواب ان يحدد هل هو مجلس للكتل السياسية أم للشعب العراقي، مشيرا إلى أنه إن كان مجلسا للشعب فعليه أن يعقد الآن جلسة استثنائية لمناقشة ملف خور عبدالله، والاصغاء للشعب العراقي ومحاسبة من اعتدى على سيادة العراق.
وأشار الحلفي إلى أن هناك ترهلا في مجلس النواب يولد الفساد، منتقدا عدد أعضاء المجلس، لافتا إلى أن هناك خطأ دستوري تحديد ممثل لكل 100 ألف نسمة في مجلس النواب، موضحا ان يفترض ان يكون الممثل لعدد الناخبين وليس السكان بشكل عام، لأن ليس كل الفئات العمرية من الشعب ناخبين.
ويقرأ مراقبون في الشأن السياسي أن مجلس النواب وخلال دورته الحالية شهد حالة من الشلل شبه التام في أداء مهامه التشريعية والرقابية. فيما علل آخرون من أقرانهم وجود إتهامات تتعمد التعطيل نتيجة صراعات وخلافات سياسية وحزبية حادة.
ولم تُعقد خلال هذه الدورة التشريعية إلا جلسات محدودة، ما أثار موجة من الإنتقادات الحادة بشأن تراجع دور المجلس وتآكل هيبته كمؤسسة دستورية أساسية.
فيما تؤكد مصادر سياسية أن غياب الإرادة السياسية الفعلية كان العامل الحاسم في شلّ عمل المجلس، حيث جرى تعطيل طلبات الإستجواب والمساءلة بصورة ممنهجة، في محاولة لحماية مسؤولين مدعومين من جهات حزبية نافذة.
ويرى المراقبون ( وفق تصاريح تابعها المسرى ) أن هذا الوضع غير المسبوق الذي يخيّم على المجلس منذ إنطلاق دورته وحتى اليوم، يمثل تهديدًا حقيقيًا للعملية الديمقراطية، ويُسهم في تآكل ثقة المواطنين بالمؤسسة التشريعية. ومع اقتراب موعد الانتخابات المقبلة، يبرز التساؤل الحتمي: هل سيبقى البرلمان رهينة للصراعات السياسية، أم أن هناك من سيبادر لاتخاذ خطوات جدية تعيد إليه دوره الدستوري ومكانته في النظام السياسي؟.



