فيينا – دعاء أبوسعدة
في لحظة امتزج فيها الاعتراف بالتقدير، والرمز بالرسالة، كرّمت جمهورية النمسا سعادة السفير بكر فتاح حسين، سفير جمهورية العراق لدى النمسا وسلوفينيا وسلوفاكيا، بمنحه وسام الشرف الكبير من الذهب مع الوشاح (The Grand Decoration of Honour in Gold with Sash)، وهو ثاني أعلى وسام في النظام الوطني النمساوي، يُمنح تقديرًا للخدمات الاستثنائية التي تترك أثرًا مستدامًا في مجالات السياسة والدبلوماسية والثقافة والتعاون الدولي.
جرت مراسم التكريم في مقر وزارة الخارجية النمساوية بالعاصمة فيينا، وسط حضور رسمي رفيع من كبار المسؤولين النمساويين وعدد كبير من سفراء الدول العربية والأجنبية، يتقدمهم عميد السلك الدبلوماسي – سفير الفاتيكان، ومديرو دوائر الخارجية النمساوية، وممثلو المنظمات الإقليمية والدولية.
ومن خنادق جبال كردستان، حيث وُلدت جذوره الأولى، إلى قاعات التكريم في قلب فيينا، حمل السفير بكر حسين هوية عراقية متعددة الأطياف، تجسِّد روح الوطن في تنوعه، وتُبرز قدرة أبنائه على صناعة الحضور والتأثير في الساحات الدولية.
وفي كلمة مؤثرة ألقاها خلال الحفل، قال السفير بكر حسين
“إن هذه اللحظة تمثل علامة فارقة، ليست لي شخصيًا فحسب، بل للدبلوماسية العراقية التي ما تزال قادرة على أن تفتح نوافذ الأمل والحوار في عالم يموج بالتحديات. العمل كسفير هو امتياز ومسؤولية؛ هو جسر بين الحضارات، وصوت يعكس قيم الأمة وتطلعاتها.”
وأضاف لقد كانت مهمتي في النمسا رحلة من العمل المشترك والتفاهم المتبادل، وقد أثمر هذا التعاون عن فتح آفاق جديدة، كان من أبرزها إعادة افتتاح السفارة النمساوية في بغداد، ومعالجة ملفات الهجرة، وتوسيع العلاقات الاقتصادية والسياسية بين البلدين.
ويُعد السفير بكر حسين من أبرز الشخصيات الدبلوماسية العراقية، حيث سبق أن نال وسام “ريو برانكو” من الحكومة البرازيلية عام 2013 أثناء عمله سفيرًا للعراق هناك، ليكون هذا الوسام النمساوي تتويجًا لمسيرة دبلوماسية امتدت من البرازيل إلى السويد، ووصلت اليوم إلى قلب أوروبا.
وقال في ختام كلمة هذا الوسام لا يخصني وحدي، بل هو ثمرة جهود فريقي في السفارة، ودعم زملائي في وزارة الخارجية العراقية، وتشجيع عائلتي التي كانت سندي في كل المحطات. اليوم أتسلم وسامًا، لكنني أراه مسؤولية مضاعفة للسنوات القادمة، وميثاقًا جديدًا لزرع مزيد من جسور التفاهم والسلام.
تكريم السفير بكر حسين لا يُعد حدثًا شخصيًا فحسب، بل هو شهادة دولية على نضج الدبلوماسية العراقية، وقدرتها على الحضور والتأثير في الساحات الدولية. فوسام اليوم… هو اعتراف من دولة عريقة بمسار رجلٍ حمل اسم بلاده في المحافل، وكان لها جسرًا، وصوتًا، وسفيرًا بكل ما تعنيه الكلمة من التزام ورسالة.