في خطوة تعكس جدية التعامل مع الأزمة، أعلنت وزارة الموارد المائية عن تشكيل غرفة عمليات مركزية لمتابعة الوضع المائي في جميع المحافظات على مدار الساعة، والتدخل الفوري في حال حدوث أي طارئ. كما يجري العمل بالتنسيق مع وزارة البيئة لتحديد أسباب تلوث نهري دجلة والفرات واتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجتها.
ويحذر مختصون في تصريحات تابعها المسرى، من صيف عام 2025 بالغ الحرارة قاسياً على صعيد الموارد المائية، في ظل استمرار تداعيات شح الأمطار وتناقص الإطلاقات المائية من دول الجوار.
وتؤكد الحكومة العراقية ممثلة بوزارة الموارد المائية جاهزيتها لمواجهة هذا التحدي، تبقى المخاوف قائمة لدى المواطنين والقطاعات الزراعية بشأن القدرة على تجاوز هذه الفترة الصعبة بأقل الخسائر.
هذا الواقع المرير أكده وزير الموارد المائية عون ذياب عبد الله في تصريحات سابقة، مشيراً إلى أن”الموسم الحالي يعد من المواسم الجافة، ويستدعي إدارة استثنائية للموارد المائية المتاحة”.
وعلى صعيد نهر الفرات، وعلى الرغم من التحسن النسبي الذي شهده في فترات سابقة نتيجة للإطلاقات من سوريا، إلا أن هذه الإطلاقات عادت للانخفاض، وهذا التراجع يثير مخاوف جدية بشأن قدرة النهر على تلبية الاحتياجات المتزايدة خلال فصل الصيف.
ولم تقتصر التحديات على الظروف المناخية الداخلية، بل تفاقمت بفعل انخفاض مناسيب المياه في نهري دجلة والفرات القادمين من تركيا وسوريا. فقد أوضح وزير الموارد المائية أن”قلة هطول الأمطار في حوضي النهرين داخل الأراضي التركية أثر بشكل مباشر على الإطلاقات المائية الواصلة إلى العراق، حيث وصلت الإطلاقات المتجهة إلى سد الموصل إلى مستويات مقلقة تقل عن 200 متر مكعب في الثانية”.
تقول وزارة الموارد المائية إنها وضعت خططاً استباقية لمواجهة هذه التحديات. فقد أشار الوزير عبد الله إلى أن “الوزارة أعدت خطة متكاملة لتحقيق الإدارة المثلى للموارد المائية المتاحة”، لافتاً إلى التحسن النسبي في خزين سد حديثة الذي ارتفع إلى 3 مليارات و500 مليون متر مكعب، بعد أن كان أقل من مليار متر مكعب في تشرين الثاني الماضي. وأكد أن الوزارة تعمل كما أعلنت الوزارة عن قرب التوصل إلى اتفاق مع وزارة الزراعة بشأن الخطة الزراعية للموسم الصيفي، حيث سيتم تحديد المساحات المزروعة بما يتناسب مع حجم الشح المائي المتوقع. وتشير التقديرات الأولية إلى إمكانية زراعة مليون و500 ألف دونم من محصول الحنطة اعتماداً على الري من الأنهار، مع إعطاء الأولوية لتأمين مياه الشرب للمواطنين وسقي الخضر والبساتين.
ويبقى الأمل معقوداً على التزام الحكومة بتنفيذ خططها بكفاءة وشفافية، وتعزيز التعاون مع دول الجوار لضمان حصة عادلة من المياه، وتوعية المواطنين بأهمية ترشيد الاستهلاك، لتجاوز صيف 2025 بأقل الأضرار الممكنة. فالجفاف ليس مجرد تحدٍ للموارد المائية، بل هو اختبار حقيقي لقدرة العراق على الصمود والتكيف في وجه الظروف المناخية الصعبة.
وعلى الرغم من تطمينات الحكومة، يبقى لدى الكثير من المواطنين ، خاصة المزارعين، تساؤلات مشروعة ومخاوف مستمرة بشأن مدى كفاية هذه الإجراءات لمواجهة صيف قد يكون الأشد جفافاً منذ سنوات. فالاعتماد على خطط تقنين المياه وتحديد المساحات الزراعية قد يؤثر سلباً على الإنتاج الزراعي والاقتصاد المحلي.
وناقشت وزارة البيئة مع وفد برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة (WFP) والمعهد الدولي لإدارة المياه مشروع تحويل مياه الصرف الصحي إلى مياه صالحة للزراعة.
وبينت الوزارة في بيان، طالعه المسرى، أن”المشروع يعد إحدى الاستراتيجيات الفعالة لمواجهة شح المياه وتقليل التلوث البيئي”.
وذكرت، أن”مدير بيئة محافظة ميسان باسم محمد حبين ومدير عام دائرة حماية وتحسين البيئة في المنطقة الجنوبية محسن عزيز التقيا وفد (WFP) ، وتم بحث سبل تعزيز الحلول المستندة إلى الطبيعة، والتحديات التي تواجه تنفيذ هذه المشاريع، وضرورة توفير الدعم الفني والمالي لضمان نجاحها، وذلك بحضور عدد من المختصين في الشأن البيئي والهندسي من الجهات المعنية”.
في الاثناء، أكد مدير عام دائرة حماية وتحسين البيئة في المنطقة الجنوبية على أن”وزارة البيئة تدعم مثل هذه المشاريع، لما لها من أثر إيجابي في تعزيز الإدارة المستدامة للمياه، وتقليل المخاطر البيئية الناتجة عن تصريف المياه غير المعالجة، مؤكدًا أهمية توسيع نطاق هذه المشاريع بالتعاون مع الجهات المحلية والدولية”.
وأعربت الأمم المتحدة، عن استعدادها لتقديم مساعدات للعراق لمواجهة خطر شح المياه.
وقال منسق الأمم المتحدة المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في العراق، غلام محمد اسحق زي، خلال مؤتمر صحفي إن “العراق أحد أكبر البلدان تأثراً بندرة المياه، لذا فإن الأمم المتحدة بجميع وكالاتها التي يبلغ عددها 22 وكالة، تعمل في مجال ترشيد استخدام المياه، وأيضا في مجال الزراعة وضمان الاستدامة البيئية”، مستدركاً بالقول: “نحن على هذا الأساس نريد استغلال خبراتنا المتاحة لدينا لمساعدة العراق في التغلب على مشكلة شح المياه”.
ولفت إلى أنه “وفقا التقديرات، فإن العراق لن يتمكن من تأمين احتياجاته من المياه سوى 15 % بحلول عام 2025، وعلى هذا الأساس فمن المهم زيادة الوعي لدى المواطنين وضمان الأمن المائي”.