أكدت وزارة المالية، أن الإنفاق الحكومي لن يتوقف بغياب جداول 2025، إذ تتيح أحكام المادة (13) من قانون الإدارة المالية رقم 6 لسنة 2019 الإعتماد على جداول السنوات السابقة لتغطية النفقات الجارية الأساسية، وعلى رأسها الرواتب والدعم الإجتماعي والتشغيل المؤقت.
ويرى مراقبون في الشأن الاقتصادي ، ضمن تصاريح تابعها المسرى ، أن “غياب الموازنة يُجمّد عمليًا الإنفاق الاستثماري، ويوقف المشاريع الجديدة، ويُربك حركة الوزارات والمحافظات”. حسب وصفهم
وتتلاشى تدريجيًا الآمال المعقودة على تمرير موازنة 2025 في العراق، وسط مشهد سياسي يتسم بالجمود التشريعي، وبرلمان شبه مشلول، وحكومة تبدو منشغلة أكثر في إدارة التوازنات السياسية منها في الإلتزامات الدستورية والمالية.
في السياق، أكد عضو مجلس النواب جواد اليساري، يوم (23 أيار 2025)، أن “جداول موازنة العام المقبل “أصبحت من الماضي”، في إشارة إلى استحالة تمريرها في الوقت الراهن.
وقال اليساري في تصريح طالعه المسرى، إن “الحكومة العراقية لا تملك أي جدية حقيقية في إرسال جداول موازنة 2025، وحتى لو أرسلتها – وهو أمر مستبعد – فإن تمريرها غير ممكن في ظل برلمان معطَّل، بلا جلسات وبلا نصاب وبلا نواب فعليًا”.
وأشار إلى أن “عقد جلسات مجلس النواب “بات أمرًا بالغ الصعوبة، بسبب انشغال الكتل والأحزاب، وحتى النواب أنفسهم، بالحملات الانتخابية والاستعدادات الجارية للانتخابات العامة، ما يعني أن جداول الموازنة الجديدة لن تُناقش ولا تُقر، وستبقى وزارة المالية تعمل بما تبقى من جداول موازنات 2023 و2024”.
مرور أشهر دون إرسال الجداول يعكس إما تعطّلًا في قدرة الحكومة على صياغتها ضمن الأطر الزمنية، أو أن هنالك اعتبارات سياسية تمنع تمريرها في ظل برلمان متوتر وغير مستقر. وفق مراقبين
ويوضح مراقبون ،أن “الانتخابات تحوّلت إلى ما يشبه “حالة طوارئ سياسية”، تُجمّد فيها الدولة مؤقتًا، وتتوقف عجلة التشريع والرقابة، وتُعطَّل المشاريع وتُرحَّل القرارات”.
غياب الجداول المالية لا يُعد خللًا إجرائيًا فقط، بل يعكس أزمة سياسية مركبة تضرب في العمق. فتعطّل البرلمان بفعل الاستقطاب الانتخابي، وغياب التنسيق بين الحكومة ومجلس النواب، يكشف أن المؤسسات الدستورية في العراق لا تعمل وفق إيقاع الدولة، بل وفق إيقاع التحالفات، وهذا ما يجعل القرارات الكبرى، كالموازنة، ضحية مباشرة لأي ارتباك سياسي.
المشاريع المتلكئة مرشّحة للتراكم، والديون الداخلية والخارجية لا تجد غطاءً تشريعيًا لتسويتها، وخطط التنمية الموعودة تُحبَس في أدراج اللجان الوزارية. أما في المحافظات، فيُرهن تنفيذ المشاريع بوجود تخصيصات مركزية لا تأتي، وتُدار بعضها عبر “مناقلات” بدائية تُعيد إنتاج الفوضى المالية المحلية.
ويدفع غياب جداول موازنة 2025 العراق إلى منطقة رمادية: ليست حالة انهيار، لكنها أيضًا ليست نموًا مستقرًا. فالرواتب تُدفع، والنفقات الجارية تمضي، لكن بلا أفق اقتصادي واضح، ولا أولويات إنفاق مصادق عليها، ولا خريطة استثمارية شفافة. وهو ما يجعل القطاع الخاص في حالة “تجميد انتظاري”، عاجز عن اتخاذ قرارات توسعية في ظل غموض السياسات العامة.
وتتراجع أولويات التخطيط والتنمية لصالح المناكفات السياسية والمكاسب الانتخابية. وبينما تستمر الحكومة بالصرف وفق جداول قديمة، تبقى مشاريع البنى التحتية، والإصلاح الإداري، وبرامج الخدمات الاجتماعية معلّقة على حبال الوقت الضائع.
وعودة الى بدء، شدد عضو اللجنة القانونية النيابية، عارف الحمامي، على أن”الحكومة ملزمة قانونيًا بإرسال جداول الموازنة في أسرع وقت، لضمان تمريرها والتصويت عليها داخل البرلمان قبل نهاية الفصل التشريعي الحالي”.
وحذر الحمامي في حديث صحفي طالعه المسرى السبت 10/5/2025 ، من أن”الاستمرار بهذا التأخير سينعكس سلبًا على المشاريع الحيوية في مختلف القطاعات”.
وتابع ، أن”تأخر الحكومة في إرسال جداول الموازنة إلى مجلس النواب يُعد مخالفة قانونية تُهدد استقرار العمل الحكومي وتُعطل تنفيذ المشاريع الخدمية والاستثمارية”.
ولفت الى أن”أي تأخير إضافي في إرسال تلك الجداول قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة المالية ويُعرقل الإنفاق العام”.