نموذج الأمم المتحدة في الجامعة الأمريكية بالسليمانية يناقش آليات التصدي لعودة داعش
أ.م.د. ژینۆ عبدالله
في مشهد يستحق التقدير، تحوّلت قاعة من قاعات الجامعة الأمريكية في السليمانية إلى قاعة أمم متحدة مصغّرة، حيث اجتمع طلاب القانون والعلاقات الدولية، بمشاركة قضاة، ورؤساء محاكم، وشخصيات أكاديمية، ضمن فعالية نموذج الأمم المتحدة.
أقيمت الجلسة يوم الأحد، تحت عنوان: ”دور المجتمع الدولي في منع عودة تنظيم داعش في العراق وسوريا”، وذلك في قاعة الاجتماعات بالجامعة.
استهل الدكتور بلال وهاب، رئيس الجامعة، أعمال الجلسة بكلمة مؤثرة، أشاد فيها بهذه المبادرة النوعية، وعبّر عن اعتزازه بالطلبة الذين صنعوا من هذا المحفل مساحة حوارية واعية، متمنيًا لهم مستقبلاً مهنيًا حافلًا بالنجاح والمسؤولية.
وبصفتي أكاديميًا وصحفيًا، لطالما آمنت بأن الجامعة لا تُختزل في قاعات حفظ المعلومات، بل ينبغي أن تكون ساحةً حقيقيةً لصناعة الشخصية، وتدريب العقول علي التفكير الجاد، والنقاش الهادئ، ومواجهة القضايا الكبرى بوعي وجرأة.
وهذا ما لمسته بالفعل خلال هذه الجلسة، حيث امتزجت النقاشات بين الحدة والمرونة، وبين الجدية والود، فتارةً كانت الأجواء حماسية محتدمة، وتارة أخري دبلوماسية هادئة، عاكسة واقع العلاقات الدولية وتقلباتها.
اختُتمت الجلسة — كما تقتضي أعراف هذه النماذج — ببيان ختامي جرى مناقشته بندًا بندًا، قبل أن يُعرض علي التصويت من قِبل الوفود الطلابية، في مشهد يُحاكي آليات العمل الدبلوماسي الحقيقي.
وقد لفتني وأعجبني كثيرًا اقتراح بعض المشاركين تخصيص جلسات مستقبلية تتحدث فيها الوفود بلغاتها الأصلية، لا سيما العربية، مع استضافة دبلوماسيين حقيقيين لتعميق التجربة، والاقتراب بها أكثر من واقع العمل الدولي.
وأنا أتابع تفاصيل هذه الفعالية، أدركت مجددًا أن هذا الجيل يمتلك القدرة على التفكير، والتحليل، والحوار المسؤول، متى ما أُتيحت له المساحة المناسبة.
فليست هذه الأنشطة مجرّد فعاليات طلابية، بل مختبرات حقيقية لصقل الشخصية، وبناء الثقة، وصناعة قادة الغد.
تحية لكل من يؤمن بأن الجامعة ليست فضاءً للدراسة وحدها، بل منبرًا للحياة.