بقلم: سوران الداوودي
منذ سنوات، مثّل الشيخ خميس الخنجر واجهة سياسية بارزة للمشروع الإخواني في العراق، مستندًا إلى دعم تركي–قطري، ومزاوجًا بذكاء بين الخطاب الإسلامي والوجدان القومي السني. فقد شكّل الخنجر نموذجًا خاصًا يمكن تسميته بـ”الإخواني القومي”، حمل فيه أفكار الإسلام السياسي، لكنه قدّمه ضمن سياق عروبي محافظ، يخاطب جمهورًا سنيًا يشعر بالتهميش وفقدان الدور في عراق ما بعد 2003.
هذا النموذج لم يكن معزولًا عن امتداد إقليمي أوسع، خُطط من اجل يشكّل محورًا يمتد من قطر إلى العراق فالأردن ومصر، تحت راية تنظيم الإخوان المسلمين. لكن هذا المشروع يتفكك رويدا رويدا أمام أعيننا.
تراجع الإخوان في مصر و ضربهم في الأردن و تجميد نشاطهم السياسي، واتهامهم أوروبيًا بالتطرف، كلها مؤشرات على أفول هذا التيار. لكن العامل الأهم في هذا التراجع هو تحوّل الموقف التركي فأنقرة لم تعد متمسكة بالإسلام السياسي خارجيا بل تتبنى اليوم استراتيجية توازن إقليمي، تنأى عن المغامرة وتقترب من البراغماتية، والانفتاح على الخليج ومصر.
في هذا السياق، خسر الخنجر الغطاء التركي، وبدأ يبحث عن ماساحات اخرى جديدة. فكانت زيارته لأبو غريب وأداء صلاة الجمعة مع الرموز السلفية محاولة واضحة لإعادة التكيّف، عبر استرضاء التيار السلفي وتقديم نفسه كخيار مقبول للداخل العراقي والداعمين الإقليميين
لكن السؤال الأعمق الآن
هل يتهاوى المشروع القومي العربي داخل البيئة السنية بتراجع الإسلام السياسي الاخواني؟
فالتيار الإسلامي السني في العراق كان تاريخيًا مرتبطًا بالتيار القومي العروبي. وكانت العروبة تشكل غطاءً جامعًا للخطاب الإسلامي السنّي، ومتنفسًا للهوية الجمعية ومنصة لصياغة مشروع سياسي يتجاوز الطائفة والمنطقة.
الخنجر جسّد هذا التداخل وتعامل معه ، واستفاد منه، لكن مع انحسار المشروع الإخواني، يُخشى أن تنهار معه هذه الصيغة، وأن يملأ الفراغ تيارات طائفية، أو هويات فرعية ضيقة، لا تؤمن بفكرة الدولة الجامعة ولا بالعروبة المتوازنة.
هل نحن أمام نهاية مرحلة؟ أم بداية تشكّل قومية عربية جديدة أكثر واقعية ونضجًا، منفصلة عن الإسلام السياسي، ومتصالحة مع مفهوم المواطنة والدولة؟
ذاك هو التحدي الحقيقي الذي يواجه السنّة العرب في العراق، ومعهم التيار القومي في الإقليم بأسره