الوحدة في الحكايات القديمة تعد ترفاً وملاذاً، قوقعة يختارها الحكماء عن سابق تصور وتصميم، للخلو بكنوزهم الداخلية التي يعكرها المجتمع وضجيجه.
وصاحب كتاب “مئة عام من العزلة” غابرييل غارسيا ماركيز عبر عنها فكتب “الوحدة هي الثمن الذي يدفعه أولئك الذين يجرؤون على أن يكونوا مختلفين”، واعتبر ألبير كامو في كتابه “الغريب” أن العزلة هي المكان الذي يكتشف فيه الإنسان حقيقة نفسه، بينما عبر فريدريك نيتشيه عن أهمية الوحدة، قائلاً إن ما يميز الأفراد العظماء عن الصغار هو أنهم يحبون الوحدة، ورأى أن “العزلة تجعل الإنسان أكثر قوة”، أما جان جاك روسو فقال “الوحدة هي المكان الذي نجد فيه حريتنا الحقيقية”.
وقال الفيلسوف الألماني آرثر شوبنهاور “كلما زاد وعي الإنسان ازداد شعوره بالوحدة”، أما مواطنه الفيلسوف إريك فروم فاعتبر أن الوحدة هي العمق الأخير للشرط الإنساني، فالإنسان هو الكائن الوحيد الذي يشعر بالوحدة والذي يبحث عن الآخر، وهذه الباقة من الآراء تكرس النظر إلى الوحدة بطريقة مبجلة، مسبغة عليها صفات القوة والإبداع والحرية والجرأة والوعي والعظمة.
ويؤكد جبران خليل جبران في كتابه “الأرواح المتمردة” إن أسوأ أنواع الوحدة، تلك التي تجتاحك وأنت بين أهلك وأصحابك، وقد تكون هذه حالنا اليوم، فعلى رغم الازدحام الحياتي الحقيقي والسوبر ازدحام افتراضي، تحكم الوحدة المجتمعات وتتقطع أوصال اللقاء، ليصبح كل كائن وحيداً على رغم وجود الناس حوله، فماذا حدث؟ تشبه الوحدة الآن بثاً حياً لا يسمعه سواك، إذ يمنحك العالم تواصلاً بارد المعالم وتفاعلات بلا ملامح.