المسرى.. تقرير: فؤاد عبد الله
تعد ظاهرة تعنيف المرأة او العنف الأسري من المشكلات التي يعاني المجتمع العراقي عامة واقليم كوردستان على وجه الخصوص منها بمختلف الأسباب والمسببات وهي ظاهرة كما تقول تقارير المجتمع المدني والدولية أنها في تنامي باقليم كوردستان بسبب الأوضاع السياسية والاقتصادية وتأثيرات وسائل التواصل الاجتماعي.
أسباب متعددة
وتقول الكاتبة والأستاذة في جامعة باريس الدكتورة نزند بكيخاني لـ( المسرى) في هذا السياق إن ” ازدياد العنف الأسري دون شك حسب الأبحاث العلمية مرتبطة بالعنف السياسي والاقتصادي و بالأوضاع غير المستقرة في العراق والاقليم والمنطقة ككل، التی زاد مع داعش و ایضا خلال وبعد جائحة کورونا، وان سوء الأوضاع الاقتصادية والخلافات السياسية الحاصلة في العراق والاقلیم أثرت بشكل كبير على الحالة النفسية والتصرفات غير المسؤولة للفرد داخل العائلة الواحدة تحديداً والمجتمع بشكل عام ، أضف إلى ذلك الخلافات الحاصلة في المنطقة والمشكلات المتكررة بين أربيل وبغداد وداخل الأحزاب الكوردية نفسها في الاقليم، كان له دور فعال في ازدياد التشتت و حالات العنف في المجتمع، وفي الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، لذلك كل تلك العوامل مجتمعة ادت إلى مزيد العنف التفكك الأسري بين افراد المجتمع والأسرة”، مبينة أن “إنهاء العنف السياسي بين الأحزاب والكتل السياسية الرئيسية في الاقليم، سيكون عاملاً بناء لنشر السلام والاستقرار الداخلي، وبالتالي بناء حكومة قادرة على تثبيت مبادىء العدالة لحل المشاكل السياسية والاقتصادية الموجودة والتي تعتبرأحدى الأسباب الجذرية وجوهر القضية للقضاء على العنف، وتحديداً العنف الأسري”.
روح العصر
وأكدت مستشارة رئيس الاقليم لشؤون تمكين المرأة والتعليم العالي الدكتورة بكيخاني أن ” هناك العديد من فقرات قانون مناهضة العنف الاسري تحتاج إلى تعديل، لكي تتوافق مع المبادىء الدولية لحقوق الانسان وروح العصر، لذلك تقوم لجنة الدفاغ عن حقوق المرأة في برلمان كوردستان ورئاسة الاقليم والمؤسسات الحكومية والامنية بالتعاون والتنسيق مع المنظمات المعنية بشؤون المرأة بتقديم جملة من المقترحات لتعديل القانون أبرزها أن يكون القانون يشمل كل انواع العنف الأسري المبني عن النوع الاجتماعي وفق مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة داخل الأسرة والاماكن العامة”، مضيفة أن ” التعديل يجب ان يشمل أيضاً وضوحاً في تعريف نوع التعنيف بحق المرأة والعنف الأسري المبني عن النوع الاجتماعی وفق مبدأ تمكين المرأة والتحرش الجنسي، مراعياً فيه قوانين حقوق الأنسان والعصر، وكذلك يشمل على ذكر كافة انواع الجرائم التي تركب بحق الرجل والطفل ايضاً في الأسرة، كما يجب أن يضاف في القانون فقرات خاصة تتحدث عن أشكال التعنيف التي تحصل في مجتمعنا، مع وضع المقترحات والحلول لزيادة الوعي العام، من أجل الوقاية والحماية والرقابة.”
دعم قضايا المراة
ومن جهتها تقول الكاتبة والعضو السابق في مجلس النواب رنكين عبد الله في حديثها لبرنامج (فكر تسد) التي تقدمها الزميلة “هناء رياض” والذي سيبث يوم الأحد القادم على شاشة المسرى، إنه “يجب في البداية ان نثمن ونشيد بدور نائب رئيس حكومة اقليم كوردستان قوباد طالباني في السير على نهج الرئيس الراحل مام جلال الذي كان محامياً في الدفاع عن حقوق الانسان بشكل عام وحقوق المرأة على وجه الخصوص، وفي نفس الوقت كان داعماً فعلياً لكل القضايا المتعلقة بالمرأة، لذلك نرى طالباني الابن في مناسبات المرأة، وخصوصا المناسبات المناهضة للعنف الأسري والمراة يرتدي لباساً مكتوباً عليه شعارات تطالب بوقف العنف ضد المرأة”، موضحة أن ” حزبها الاتحاد الوطني ليس حزباً مغلقاً منطوياً على نفسه، لا بالعكس ومنذ تأسيسه يحمل شعارات تدافع عن الحرية والديمقراطية وحرية المرأة وحرية المساواة بين الرجل والمراة ليس داخل اقليم كوردستان فقط، وإنما للعراق ككل، لذلك فإن قناعة الاتحاد الوطني وإيمانه بالدفاع عن المرأة وقضاياها نابع من صميمه الذي تأسس عليه”.
لا احصائيات دقيقة
وأضافت عبد الله أنه ” ليس هناك أي إحصائية دقيقة لعدد حالات العنف الأسري الموجودة في الاقليم تبين ازياد أعدادها خلال هذه السنة،لأن أغلب حالات تعنيف المراة لا تصل للسلطات الرسمية المعنية، كغيرها من الجرائم والجنح، وإنما بسبب الطبيعة الاجتماعية لمجتمعنا في الاقليم تحل أو تخفى عن السلطات الرسمية ويتم التستر عليها تحت مسميات اجتماعية كثيرة، ولكن مع هذا كل التقارير الدولية المعنية بهذا الامر وتقارير منظمات المجتمع المدني تؤكد ازدياد حالاتها في الاقليم”، لافتة إلى أننا” لو قمنا بإجراء مقارنة بين حكومتي الاقليم والاتحادية لوجدنا أن الاقليم لديه في هذا المجال انفتاح وازدهار اكثر للمتابعة والحد من قضايا التعنيف الأسري وحقوق المرأة، وهذا ليس معناه أن الاقليم ليس فيه الرجوع في هذه القضايا إلى النظرة الدينية والعشائرية والاجتماعية، وإنما قد يكون له علاقة بالأحزاب التي تحكم في الاقليم ونظرتها لقضايا وحقوق المرأة”.
فجوات في القانون
أما الكاتبة والناشطة المدنية تانيا كمال وخلال استضافتها في برنامج (شؤون عراقية) والذي يقدمه الزميل “فائق يزيدي” وسيبث يوم السبت القادم فتقول في هذا السياق إنه” عند كتابة مسودة قانون مناهضة العنف ضد المراة المعمول به حالياً في الاقليم، شاركت منظمات المجتمع المدني والمدافعة عن حقوق المرأة في صياغته، لكن وجد فيه ثغرات أثناء التطبيق تحتاج إلى تعديل، أضف إلى ذلك أن العادات والتقاليد تتغير من مجتمع إلى آخر، وكل مجتمع متمسك بعرفه وعاداته المجتمعية، ومجتمع كوردستان ليس ببعيد عن تلك المجتمعات، حيث يعتبر متمسك بعاداته وتقاليده المتجذرة منذ القدم رغم التطور الحاصل في المجتمع، إلا أن تلك العادات لها تأثير ودور كبير في تطبيق تلك القوانين، وتحديداً المتعلقة منها بالمرأة والعنف الأسري”، موضحة ان” الاقليم حتى لو كان لديه أحسن القوانين في هذا المجال، ولم تكن هناك توعية مسبقة لها فإن المجتمع الكوردي لن يلمس منها اي تغيير فيما يتعلق بالتقليل أو الحد من ظاهرة تعنيف المراة”.
التوعية القانونية
وشددت كمال أن ” القانون وحده لن يحمي المجتمع، إنما التوعية القانونية لكيفية تنفيذها والمخاطر المحدقة بالمجتمع جراء تلك القضايا المتعلقة بالمراة إذا لم يكن هناك قانون يردع مرتكبيها، وهذه التوعية تكون من اختصاص منظمات المجتمع المدني عامة، والمنظمات النسوية والإعلام ورجال الدين”، منوهة إلى انهن ” كمنظمات نسوية ومدافعات عن حقوق المرأة يعملن على إجراء تعديل على القانون لملأ الفجوات التي فيه، منعاً لنجاة مرتكبي التعنيف الاسري من الجزاء والقانون يتوافق مع طبيعة المجتمع الكوردستاني”.
سقف العقوبات
وتطالب الناشطات النسويات والمدافعات عن حقوق المرأة في اقليم كوردستان بأن يتضمن القانون الجديد المراد تعديله لمناهضة العنف ضد المراة أن يتضمن مختلف اشكال التعنيف وأن يرفع من سقف العقوبات لمرتكبيها أياً من كان وتحت اي مسمى كان، للحد منها أو رادعاً للتقليل من حالات العنف الأسري.