ستران عبدالله
إن مايجري مضيعة لوقت العراقيين، يفوت عليهم اوقاتهم واحيانهم ومستقبلهم فيما يسمونه انسدادا سياسيا، فهو يكلفهم الكثير مما لاحاجة له اصلا.
حينما تبرز في بلاد الله فكرة سياسية الى السطح او يتشكل تيار جديد، فذلك يغني ويحيي ويضيف حماسة للمجال السياسي. لكن في العراق يتحول الامر الى مناسبة للانغلاق السياسي ومراوحة المكان. يضيف هما على الهموم ويضاعف المآسي، على إعتبار انه وبعد ١٩ عاما على سقوط صنم صدام في قلب بغداد ان القادم عبارة عن مرحلة جديدة من دورات الزمن او صفحة بيضاء يسطرها العراقيون (الجدد جدا ) خلفا للعراقيين (الجدد) الذين استلموا زمام الحكم بعد عملية تحرير العراق.
هناك مثل تركماني يقول (انتظر الخاتمة) او ما معناه في المثل العربي (العبرة في الخواتيم)، فلو كانت المحاصصة فيما بين المكونات الثلاث الشيعة والسنة والكورد مشكلة المرحلة السابقة، نرى اليوم ان الثلاث صارت ستة: شيعتان وسنتان وكردان إثنان. اي تجزئة المجزء كما تقول الادبيات العربية. المشكلة ان هذه الاطراف تلك لاتمارس السياسة في بلدين مختلفين كلا على حدة، بل هم في العراق ويتصادمون في اروقة بغداد، ان التشابك والتداخل والزحام هو نتيجة طبيعة لترك المسيرة في منتصف الطريق بدلا عن التعاضد في المهام، العراقيون يدفعون ثمن ذلك، والضاربون مبدأ التوافق عرض الحائط والباحثون عن الحل خارج التوافق ، هم وحدهم يتحملون مسؤولية ذلك.
ما يحصل من مماطلة وتسويف وتأخير يدفع ضريبته الناس من ايامهم وحياتهم ومعيشتهم، والانكى من ذلك ان لا احد في هذه اللعبة السياسية يتحمل وزر الاضرار والاذية والمضرة، ربما يقيدون الامر في خانة “التلف”، او كالجملة الاثيرة التي اقتبسها الفنان المصري المعروف (يحيى شاهين) من رواية (بين القصرين) لنجيب محفوظ حين قال بلهجة مصرية محببة:
قيّد عندك: بضاعة اتلفها الهوى.