علي الحياني
في صيف عا 2014، أقدم تنظيم داعش على شن هجوم على قضاء سنجار الواقع شمالي العراق، والذي تسكنه غالبية إيزيدية، وأسفر الهجوم عن سيطرة التنظيم المتشدد على القضاء، وارتكابه لمجازر دموية بحق سكانه.
الآلاف من الإيزيدين قنلوا، فيما تم اختطاف الآلاف من الفتيات الإيزيديات واقتيادهم لمواقع التنظيم، قبل أن يرتكب التنظيم المتطرف أفجع الجرائم.
وبالرغم من إعلان الحكومة العراقية النصر على تنظيم داعش، واستعادة جميع المناطق التي كانت خاضعة للتنظيم المتطرف، كما تم الإعلان عن إنهاء سيطرة داعش على المناطق السورية، لكن مصير الآلاف من الإيزيديات مايزال مجهولاً.
إحصائية رسمية
مسؤول مكتب شؤون المختطفين والمختطفات الإيزيديات في حكومة إقليم كردستان حسين كورو أكد، بقاء “2800 من النساء والأطفال حتى الان بيد داعش موزعين في العراق وسوريا”، لافتا إلى تحرير “3546 حتى الآن.
وأعلن رئيس الجمهورية برهم صالح عن إطلاق قانون الناجيات الإيزيديات لتعويضهم وتأهيلهم، بعد تعرضهم للاختطاف والتعذيب من قبل عناصر داعش.
أدت جائحة كورونا الى تفاقم معاناة كثير من الفئات المتضررة في العراق من نازحين ومشردين بما فيهم ضحايا تنظيم داعش من الأيزيديات الناجيات اللائي كن ضحايا الاستعباد الجنسي للتنظيم . تعويض هؤلاء الناجين من العنف الجنسي يعد أمراً عاجلاً لمنع إعادة إيذائهم وتكرار هذه الجرائم .
واستخدم تنظيم داعش الاستعباد الجنسي كتكتيك حربي ممنهج ضد الأقليات ، بما في ذلك النساء والفتيات الأيزيديات . حيث أفادت منظمة العفو الدولية أن مسلحي داعش استهدفوا وبشكل منهجي آلاف النساء والفتيات الأيزيديات واجبروهم على العبودية الجنسية . كما وجدت لجنة التحقيق الدولية التابعة للأمم المتحدة أن تنظيم داعش أظهر عن نيته تدمير الأيزيديين كلياً أو جزئياً وإن هذه الجرائم كانت بمثابة أعمال إبادة جماعية .
قانون الناجيات
ويتضمن قانون الناجيات الأيزيديات الذي قدمه رئيس الجمهورية برهم صالح الى البرلمان، عدداً من إجراءات التعويض المهمة للنساء الأيزيديات اللائي تم أسرهن من قبل مسلحي داعش، بما في ذلك التعويض وإعادة التأهيل والعلاج الطبي وفرص الحصول على عمل . كما يعتبر مشروع القانون الجرائم المرتكبة ضد الأيزيديين جرائم إبادة جماعية وينص على عدم إدراج مرتكبي جرائم الاختطاف والأسر في أي عفو عام أو خاص .
المتاجرة بالقضية
ويقول النائب السابق في البرلمان العراقي الممثل عن المكون الإيزيدي حجي كندور إن، قانون الناجيات مايزال حبراً على ورق، والحكومات العراقية المتعاقبة لم تنصف الضحايا الإيزيديات.
مبيناً في حديث له أنه “تمت المتاجرة سياسياً من قبل جهات حزبية مختلفة بقضية الإيزيديات، واستغلالها للدعاية الانتخابية”.
ولفت إلى أنه “لو كانت هناك جدية من قبل الحكومة العراقية بإنصاف الضحايا الإيزيديات، لقامت على الأقل بالبحث عن المختطفات اللواتي مايزال مصيرهن مجهولاً بالرغم من مرور 5 سنوات على إعلان تحرير مناطق البلاد من قبضة داعش”.
ناجية تتحدث بحرقة
أشواق وهي ناجية إيزيدية تحدثت وبحرقة عن الظلم والمعاناة التي تعرضت لها أثناء اختطاها من قبل عناصر داعش.
وتوضح في حديثها أنه “تم اختطافها مع ثلاثة من شقيقاتها في أحدى القرى التابعة لناحية سنوني بقضاء سنجار، أثناء سيطرة عناصر داعش عام 2014، وبعد تعرضها لأقسى أنواع التعذيب والإهانة النفسية، وبعد دفع فدية مالية من قبل ذويها، تم تحريرها من سيطرة التنظيم المتشدد”.
لكنها، ماتزال تعيش في أحدى مخيمات النازحين بمحافظة دهوك، بأوضاع مأساوية جداً، وتؤكد أنه، لم يتم صرف ولا حتى ديناراً واحداً لها من قبل الحكومة العراقية، وكل ما تطلبه إعادتهم لمنازلهم التي هجروها منذ عام 2014.
مصيرٌ مجهول
وتشير الناشطة الإيزيدية فائزة خليل إلى أن، الضحايا الإيزيديات يعيشون مصيراً مجهولاً، فجموعة قليلة منهم خدمتهم الظروف وقدموا على الهجرة للدول الأوربية المختلفة، لكن الغالبية مازالوا يعيشون في ظروف مأساوية بمخيمات النازحين في محافظات إقليم كردستان.
وتتهم خليل، الحكومة العراقية بعدم إيلاء قضية الناجيات الإيزيديات الاهتمام الكافي، وكل الوعود التي أطلقت في وقت سابق، ماتزال مجرد أحاديث إعلامية، حيث لم تر النور على أرض الواقع.
وماتزال الخلافات السياسية بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان، فضلاً عن وجود مجموعة فصائل مسلحة، السبب الرئيسي لمنع عودة العوائل الإيزيدية لمناطقها في القضاء، كما أن الحكومة لم تقم حتى الآن بتعويض الذين تضررت منازلهم للدمار أثناء سيطرة داعش.
وأعلن وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين إن القانون العراقي المعني بتقديم الدعم للناجيات الإيزيديات، دخل حيز التنفيذ في 15 آذار/مارس 2021، مشيرا إلى ودور حكومته في إنصاف الضحايا وتسخير كافة الجهود المتاحة لتأهيلهن ودمجهن في المجتمع وتعويضهن.
وقال إن أهمية القانون تتجلى في معالجة ما أفرزه داعش من أضرار جسدية ونفسية واجتماعية ومادية على كافة الضحايا، وتحديداً النساء.
وبحسب القانون المصوت عليه من قبل البرلمان العراقي، يصرف للناجية الإيزيدية راتب شهري لا يقل ضعف الحد الأدنى للراتب التقاعدي المنصوص عليه في قانون التقاعد الموحد رقم (9) لسنة 2014، كما تمنح قطعة أرض سكنية، أو وحدة سكنية مجاناً، بالإضافة إلى استثنائها من شرط العمر والمعدل في حال العودة للدراسة، مع أولوية في التعيين عن التقديم الوظائف العامة.
تم نشر هذا التقرير بدعم من JDH / JHR – صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا.