بشير علي ـ للخبر بقية
رغم قيام الجانب التركي بزيادة الإطلاقات المائية بإتجاه العراق ، لا تزال أزمة شح المياه تلقي بظلالها الثقيلة على مختلف القطاعات في البلاد، خصوصاً قطاع الزراعة، الذي يعاني تراجعًا غير مسبوق، وسط تحذيرات من تداعيات بيئية واقتصادية خطيرة.
وكانت وزارة الموارد المائية الاتحادية ،قد أعلنت في وقت سابق أن تركيا بدأت بزيادة تصريف مياه نهر الفرات عبر سد إليسو، في محاولة للمساهمة في تحسين الواقع المائي في العراق. إلا أن هذه الإطلاقات، بحسب مسؤولين وخبراء، لا تزال دون المستوى المطلوب، ولا توازي حجم الاحتياج الفعلي، خصوصاً في ظل موجات الجفاف المستمرة، وانخفاض كميات الأمطار، وارتفاع درجات الحرارة.
يقول الدكتور حسن الجنابي، وزير الموارد المائية الأسبق: “المشكلة لا تتعلق فقط بالإطلاقات التركية، بل بمنظومة إدارة الموارد المائية في كامل الحوض. نحن نتحدث عن تراجع سنوي في واردات المياه يتجاوز 50% في بعض الأحواض، والسبب الرئيسي هو غياب الاتفاقيات الملزمة التي تضمن حصصاً عادلة للعراق”.
العراق، الذي يعتمد على نهري دجلة والفرات كمصدر رئيسي للمياه، بات يعاني من تراجع خطير في منسوب النهرين، خاصة بعد اكتمال عدة سدود تركية على نهر دجلة، وأهمها سد إليسو. وبالرغم من إطلاق كميات من المياه خلال المواسم الحرجة، إلا أن تلك الإطلاقات غالبًا ما تكون مؤقتة وغير كافية لتأمين خزين استراتيجي.
واقع مقلق للزراعة والمياه الصالحة للشرب
أدى شح المياه إلى تقليص المساحات الزراعية في العديد من المحافظات، خاصة في الجنوب، حيث اضطر الكثير من المزارعين إلى ترك أراضيهم أو تحويلها إلى أراضٍ بور. كما تسبب الانخفاض في تدفقات المياه إلى تدهور نوعية المياه، وزيادة نسب التلوث والأملاح، خصوصاً في محافظتي البصرة وذي قار.
ويحذر الخبير البيئي عادل المختار من أن”شح المياه لا يهدد فقط الإنتاج الزراعي، بل يمتد تأثيره إلى الأمن الغذائي والصحة العامة والهجرة الداخلية. استمرار هذا الوضع قد يدفع بآلاف العوائل إلى ترك مناطقهم، خاصة في الأهوار، التي باتت مهددة بالاندثار”.
جهود دبلوماسية محدودة
وعلى الرغم من التحركات الدبلوماسية التي تقوم بها الحكومة العراقية مع الجانب التركي، إلا أن غياب اتفاقيات مائية طويلة الأمد وملزمة قانونيًا لا يزال يشكل عائقًا أمام تحقيق استقرار مائي. وتطالب بغداد بأن تتبنى أنقرة نهج “تقاسم الضرر والمنفعة” وفقاً للقوانين الدولية المتعلقة بالأنهار العابرة للحدود.
الحاجة إلى حلول جذرية