بقلم: سوران الداودي
مدير قناة كركوك الفضائية
حين أراقب عن قرب مسيرة الشباب والشابات العاملين في قناتنا، يغمرني شعور عميق بالفخر والفرح. ليس فقط لأنهم يحملون طاقات واعدة، بل لأنهم يثبتون كل يوم أن الإبداع لا يحتاج إلى أعوام طويلة من الخبرة بقدر ما يحتاج إلى بيئة حرة، محفزة، تؤمن بقدرة الجيل الجديد على التجديد والتغيير.
لقد تعلّمنا من التجربة أن أكبر خدمة يمكن أن نقدمها للمؤسسات التي نديرها، ولمستقبل مجتمعاتنا، هي أن نمنح الشباب فرصتهم العادلة. لا بوصفهم متدربين أو مساعدين، بل كصنّاع قرار، ومبتكرين، ومبادرين يملكون ما يكفي من الطموح والرؤية.
إن كثيرًا من الأفكار التي خرجت من عقول هؤلاء الشباب تجاوزت التوقعات، وساهمت في تطوير المحتوى، وتوسيع قاعدة الجمهور، والتفاعل مع روح العصر بأساليب خلاقة. وقد يكون السر بسيطًا: لقد شعروا أن صوتهم مسموع، وأن أفكارهم محترمة، وأنهم شركاء حقيقيون لا مجرد أدوات تنفيذ.
في العمل الإعلامي، كما في مجالات الحياة الأخرى، لم يعد ممكناً الاستمرار بذهنية الأبوية والسيطرة. نحن نعيش زمناً سريع التغير، تتحكم فيه التكنولوجيا، وتتشكل فيه الأذواق لحظة بلحظة. والشباب، أكثر من غيرهم، هم القادرون على مواكبة هذه التغيرات، بل وقيادتها أحياناً.
لهذا، أؤمن أن دورنا كإدارات ومؤسسات ليس أن نملي الطريق، بل أن نعبد المسار أمام هذا الجيل، ونهيئ لهم المناخ ليبدعوا، حتى وإن أخطأوا في بعض المحاولات. فليس هناك تطور من دون تجريب، ولا نضوج من دون ثقة.
لنفْسح المجال للشباب، لا لأننا نُحسن إليهم، بل لأننا نحسن بذلك إلى مؤسساتنا ومستقبل مجتمعاتنا