كركوك / رزكار شواني
تصوير / هوار فارس
بأجواء طربية وأصوات صداحة أعادت للمكان عبق التراث وروح الماضي ، اختتمت مساء يوم الإثنين 14 تموز 2025 فعاليات الملتقى الثاني للمقامات في كركوك ، الذي أقيم برعاية السيد آسو مامند ، المشرف على تنظيمات كركوك – صلاح الدين في الاتحاد الوطني الكوردستاني، وبحضور نخبة من المثقفين والفنانين والمهتمين بالموسيقى التراثية، إلى جانب جمهور من أبناء المدينة.
فعالية ثقافية لإحياء الذاكرة المقامية
الملتقى الذي احتضنه المركز الثقافي في كركوك، جاء استكمالا لنجاح النسخة الأولى، وسعى هذه المرة إلى تقديم صورة أعمق وأكثر تنوعا عن فن المقام بوصفه أحد أركان الهوية الموسيقية للمنطقة، وساحة التقاء بين القوميات الثلاث الأساسية في كركوك .
وشهد اليوم الثاني من الفعاليات حضورًا لافتا من فناني المقام من داخل وخارج العراق، حيث شارك عدد من قراء المقام من كركوك وكرميان والسليمانية وأربيل، وكذلك من كردستان إيران، مؤكدين أن المقام الكردي والعراقي لا يعرف حدودا جغرافية، بل يمتد ويتجدد بالأصوات التي تحفظه وتغذيه.
ندوة خاصة عن مقام (الله ويسي)
من أبرز محطات اليوم الثاني كان تنظيم جلسة فنية – تحليلية خاصة بالمقام، خصصت لتسليط الضوء على مقام (الله ويسي) ، أحد المقامات الروحية ذات الطابع الصوفي، قدمها الفنان المقامي محمد گرمياني وسط تفاعل كبير من الحضور. وناقشت الجلسة القيمة الجمالية والدينية لهذا المقام، ودوره في الحفاظ على الهوية الدينية الشعبية من خلال الغناء.
مشاركات متنوعة تعكس ثراء المقام
وشهد الملتقى في يومه الثاني مجموعة من المشاركات اللافتة منها : الفنان محمد گرمياني من منطقة گرميان، الذي قدم مقام الله ويسي بصوته المؤثر والمعروف بأدائه الروحي العميق.
فؤاد ياره أحد قراء المقام من مدينة بوكان في كوردستان إيران أدهش الحاضرين بمشاركته عبر وصلة مزجت بين المقام والغناء التقليدي الكوردي.
قارىء المقام هڤال خانقيني الذي أطل بأسلوب خاص من مدينته خانقين وقدم مقاما بطابع خانقيني أصيل .
ومن السليمانية حضرت الفنانة شنيار نجيب بصوتها الأنثوي المميز ، والذي أضاف بعدا مختلفا على الأمسية.
ومن أربيل شارك الفنان شيشار وشيار أسود الذي قدم فقرات فنية أظهرت عمق التجربة المقامية في عاصمة المقامات.
رسالة اللقاء: التنوع والوحدة من خلال الفن
لم يكن الملتقى الثاني للمقامات مجرد عرض موسيقي، بل حمل في طياته رسائل ثقافية وإنسانية، حيث أكد القائمون عليه أن المقام بمختلف ألوانه هو جسر تواصل وتوحيد بين الشعوب، وأن الحفاظ عليه واجب ثقافي يقع على عاتق الجميع.
وقد أشاد الحاضرون بمستوى التنظيم، وتنوع الفقرات، وأهمية استمرار هذا الملتقى ليكون تقليدا سنويا يحتفى من خلاله بهذا الفن الذي لا يزال ينبض بالحياة رغم تعاقب الأجيال.
في الختام خرج المشاركون بانطباع إيجابي عن الحدث، آملين أن تتسع رقعة المشاركة في النسخ المقبلة لتشمل أصواتا جديدة وتجارب مختلفة، وأن تحظى المقامات بالدعم المؤسسي والإعلامي الذي تستحقه باعتبارها تراثا حيا يجب الحفاظ عليه .