د. محمد وليد صالح
الظروف الحالية سواء أكانت سياسية أم اقتصادية أم اجتماعية ضغطت باستمرار على كون العلاقات العامة ذكية ومرنة لا سيما في مجال التكنولوجيا الرقمية، وفضاء الذكاء الاصطناعي الذي قلب الموازين في ميدان الاتصال وصناعة المحتوى وبناء الاستراتيجيات الواقعية للتعامل مع الأزمات بسرعة، فضلا عن عنصر الإبداع.
وبدورته الخامسة 2025 أتى اليوم العالمي للعلاقات العامة في السادس عشر من شهر تموز يوليو، وفيه جسدت جمعية العلاقات العامة العراقية (ايبرا) رؤية المبادرة الأممية بأهمية الرسالة الإنسانية للعلاقات العامة في ظل التحوّلات الرقمية لتعزيز التفاهم بين الشعوب وايجاد خطاب إعلامي هادف ومسؤول عن صناعة الاستقرار الدولي في ظل الأزمات العالمية الراهنة. فمفهوم بناء السلام ليس منع نشوب الحرب فقط وإنما عملية اجتماعية مستمرة سواء أكانت على المستوى الذاتي أم الأسري أم المجتمع المحلي أم الإقليمي والدولي والعالمي، بل أصبح له أبعاد كالعدل والمساواة واحترام حقوق الإنسان والحرية والديمقراطية والمشاركة العامة، فضلاً عن نبذ خطاب الكراهية والتطرّف والعنف والإرهاب. إذ تركز النظم الإنسانـية على أشياء عدة منها العلاقات المتبادلة التي يساند بعضها البعض الآخر، على التعاون والاتصال المفتوح والاحساس بالمسؤولية والثقة بين الأعضاء في المؤسسة، والمشاركة عن طريق مختلف المجموعات في عملية صنع القرار، والتوجه الإنساني الذي يقود إلى المناخ الديمقراطي لوجود قنوات الاتصال المباشر والمفتوح من المؤسسة على البيئة الخارجية بنوعيه العمودي والأفقي من أهم خصائص النظرية الإنسانية، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة الضبط والتحكم والإصرار الذاتي لأسرة المؤسسة المؤسسة وثم إشباع حاجات العاملين فيها والمتعاملين معها. اليوم الجمهور أكثر ذكاءً ووعياً، في عصر يطالب فيه بالشفافية والمصداقية في صلب استراتيجيات العلاقات العامة، وأي محاولة للتضليل أو التلاعب يمكن أن تؤدي إلى فقدان الثقة بشكل كبير، لذلك يتوجب أن تعكس كل رسالة موجهة قيَّم المؤسسة الحقيقية مدعومة بأفعالها الملموسة، في عالم يتسم بالتنافسية الشديدة والتغير السريع والمفاجئ، إذ تعتمد فيه المؤسسات على بناء سمعتها وتعزيز الثقة وبناء جسور مستدامة مع جمهورها الداخلي والخارجي وإدارة تصوراته، بمعنى ان العلاقات العامة هي علم وفن لا تقتصر على مجرد إرسال البيانات الإعلامية أو صناعة الأحداث أو تنظيم الفعاليات. ومع انتشار الأفكار المستحدثة وتسويقها في الفضاء الرقمي المزدحم بالتوصيفات، أصبحت ممارسة العلاقات العامة ليست مجرد وظيفة بل مسؤولية وتواصل، وقدرة على الفهم وتحليل المواقف ودراستها، والتعامل مع الضغوط بطريقة متزنة وغير تقليدية في التفكير ووفقاً لإحساس إنساني عقلي واع.